يعتقد البعض أن السعوديين لا يعملون! وحين نتحدث عن الموضوع فلا حاجة لتصحيح اعتقاد أي أحد كائنا من كان، وإنما نتناقش بمنتهى الصدق ونطرح ما لدينا بكل وضوح وشفافية، وللإجابة عن ذلك السؤال هل السعوديون يعملون حقًا؟ وبمنتهى الحق السعوديون يعملون ويحبون العمل جدا، ولكن ما يختلف عند السعوديين هو الطريقة أو الكيفية التي يعملون بها.
بمعنى أن الفرد السعودي حين يعمل فهو يبحث عن تلك الصورة النمطية الموجودة لديه والتي قد تكون موروثة، وهي أن يكون سيد القوم الذي يملك المال والنفوذ والسلطة والقوة، هذا ما يسمى الامتيازات دون التفكير بما قد يحقق من الإنجازات، ويعمل الموظف السعودي بطريقة ما قد يأخذ لا ما قد يعطي، وبنظام البحث عن المنصب لا الوظيفة والسعي للمركز لا الخبرة، لذا أصبح السعودي يعمل بشكل أسرع وبطريقة أسهل دون تنمية للمهارات، فلا حاجة لبذل المجهود لأن الغرض من الوظيفة الحصول على مكانة اجتماعية وذخيرة مادية، مما جعل البعض لا يرى سوى تلك الصورة التي لها وما عليها من آثار، فليس من المنطق أن يكون الجميع مديرين وأصحاب مناصب لمجرد الرغبة، وفي نفس الوقت من حق كل فرد الطموح وأن ينال كل ما يريد شرط أن يكون هذا الطموح مقرونا بالسعي والاجتهاد، وليس الاتكال على ما يعرف بالواسطة أو التوصية. وحين نتحدث بكل حياد فليس كل السعوديين على نفس التفكير، فهناك من يبدأ بشرف عمله من الصفر، وهناك من يريد العمل الحر، وهناك من تعلم من قسوة الزمان وعمل بجد وحقق ما يريد.
عزيزي القارئ حين نتكلم عن السعوديين على أساس أنهم شعب ذو رفاهية، وأنهم محظوظون فتلك حقيقة، فهم محظوظون بما يملكون من قدرات، ومحظوظون بالقيادة الحكيمة التي تسعى وبكل ثقة للتغيير لما هو أفضل دائما، من خلال ما وضعت أسس الرؤية القادمة 2030 والتي من خلالها سيتغير السعوديون أنفسهم في كل شيء، خاصة في مجال العمل. فالحكومة السعودية مؤخرا وقعت اتفاقيات بمليارات يتحقق بموجبها خلق وظائف جديدة تتطلب الوعي التام بأساليب العمل الحديثة، من خلال تغيير عادات العمل الذي قد يكون صعبا، ولكن ليس مستحيلا، وخلق ثقافة جديدة للعمل تسهم في نشر العمل الجماعي والعمل بروح الفريق لا الفرد، وتقديم مصلحة العامة، ولا بد أن تعتمد تلك الثقافة على خطط وقرارات تجعل المملكة تستفيد من كل الثروات بما يحقق التقدم، وهذا يتماشى مع وضع المملكة العربية السعودية كواحدة من مراكز القوى في المنطقة، وليس هذا من باب التنظير، وإنما هو مطلب من متطلبات رؤية 2030 نحو غد أفضل. وحتى نصل لهدفنا علينا أن ندرك أننا نستحق ذلك، وهذا لا يعني أن نصبح مهووسين بالعمل مثل اليابانيين دون راحة ولا نوم، فالاعتدال هو المنهج الصحيح في كل شيء، في الحياة والدين والفكر، بمعنى ما يجعل من العمل عبادة وليس عادة، وهذا هو المفهوم الحقيقي للعمل في الإسلام، وحين يكون العمل عبادة سيتحول إلى أمانة وإلى مصدر للقوة، ومجموعة من الأخلاق تشكل كلها مجتمعة ما يعرف بأخلاقيات العمل work ethics، وهذا ما يعني أن نتعلم أكثر حتى نعمل أكثر. سواء كان السعوديون يعملون أو لا فأنا على كمال الثقة أن هذا المفهوم سيتغير ويتغير الحديث ليصبح عن حقائق ونجاحات، فالعالم ينتظر ما سيفعله السعوديون في ذلك المستقبل القريب 2030.