راودني حلم منذ اليوم الأول الذي وطأت فيه قدماي أرض مدينة الرياض قبل خمسة وثلاثين عاما، وذلك عندما كانت عيناي عندما زرتها لا تصطدمان حيثما توجهت إلا بالمباني أو الطرقات السريعة أو الصحارى القاحلة «الطعوس» فقط، والحلم يتمثل في رؤية مسطحات مائية تشكل بحيرة عظيمة في هذه المدينة الجميلة. وأصبح الحلم يتراءى ماثلا أمام عيني يوما بعد يوم، خصوصا بعد أن تأكد لي أن احتمالية قيامه ممكنة ماليا ولوجستيا، هذا بالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية والسياحية والاجتماعية التي سوف تتحقق بعد إتمامه.

سأفند هذه الإمكانيات بنظرتي المتواضعة وقد يضيف عليها المختصون ما يعززها. نعلم أن البحيرة تتطلب ثلاثة أشياء:

أولا: غور تضاريسي لحفظ المياه. ثانيا: المياه نفسها. ثالثا: التجدد في مياه البحيرة لكي لا تتحول إلى مياه آسنة ومجرد مستنقعات. وكل هذه الشروط ممكنة ومتوفرة في مدينة الرياض، وسوف أتطرق إليها نقطة نقطة، فالغور التضاريسي موجود في ظهرة لبن، وهذا سوف يوفر الكثير من المال لعمليات الحفر، قد يتطلب الأمر بعض الأسوار الأسمنتية في بعض الجهات لكي لا يتسرب الماء. أما بخصوص الماء، فبالإمكان حفر قناة مائية من أقرب نقطة من الخليج العربي إلى الرياض وجلب الماء بتقنية الجاذبية الأرضية دون الحاجة إلى مضخات أو تحويل الأنبوب القائم حاليا، والذي يمد مدينة الرياض بمياه التحلية، ونقل مياه البحر إلى البحيرة. وفيما يتعلق بضمان تجدد المياه وعدم تعفنها فهذا ممكن بإنشاء محطة تحلية على ضفاف البحيرة يتم تغذيتها من مياه البحيرة، وإن استوجب الأمر تجدد المياه أكثر وأكثر، يتم السماح للمصانع التي تحتاج إلى مياه تبريد بكميات كبيرة بمد أنابيب لسحب المياه من البحيرة. قال تعالى «وجعلنا من الماء كل شيء حي».

لا شك أن البحيرة لو قامت فإنها ستبث مزيدا من الحيوية والنشاط والجمال لمدينة الرياض، كل الاختراعات والمشروعات الضخمة تبدأ بفكرة مجنونة، ولكي يتم تنفيذها تحتاج إلى فكر شجاع وإرادة متوثبة، وهذه البلاد تملك ولله الحمد الرجال الذين يتمتعون بهذه الصفات. ما أجمل الرياض مع زرقة مياه البحر، فمتى نرى بحيرة الرياض العظمى؟