في البدء، وكمواطنة تعيش في الغربة، أوجّه تحية من القلب إلى الخارجية السعودية التي خاطبت خارجية كندا ببيان تتوج الكرامة سطوره، وتملؤه الثقة والقوة.

بيانٌ أثلج صدر كل من يعرف سطرا في السيادة وأدبيات العلاقات السياسية بين الدول.

بيان مختصر مفيد، رسالة ملكية مفادها أن حِلم الملوك لا يمنع من إعادة قطٍ حاول أن يحاكي صولة الأسد إلى حجمه الطبيعي.

ولمن لا زال يتخبط في غيّ فكرة اهتمام كندا بحقوق الإنسان والعدالة وحقوق المرأة حول العالم، من الواهمين والواهمات، الباحثين عن دعم المنظمات والسفارات، ربما لا تعلمون أن الناشطة الكندية مونيكا شايفر احتفلت قبل شهر من اليوم بعيد ميلادها التاسع والخمسين، في أحد سجون ألمانيا في انتظار محاكمتها بتهمة إنكارها الهولوكوست، وليس لأي تهمة أخرى كالتخابر مثلا أو العمل ضد مصالح دولتها من الداخل!

العجيب أن حكومة كندا لم تتحسس مشاعر خارجيتهم، أو يعبّروا عن قلقهم ويسألوا عن مواطنتهم، ولم يطلبوا من الحكومة الألمانية إطلاقها فورا، بل لم أجد -خلال بحث بسيط قمت به لاسمها- وجودا في المصادر الكندية الرسمية، غير خبر اعتقالها ببنط صغير في صحيفة أو اثنتين! هل وصلت الرسالة؟

يبدو أن الخارجية الكندية أصيبت بمتلازمة «أذن جحا»، ونسيت أن مواطنيها أولى باهتمامها من مواطني الدول الأخرى.

الكنديون الذين ينامون على الأرصفة مثلا في شتاءات كندا القارسة، المهاجرون الذين يستقبلهم السيد ترودو بالورود أمام الكاميرات، ثم تعجّ بهم السجون أو يزفون إلى المقابر بسبب الهجمات العنصرية.

على كل حال، هذا ليس من شأننا، فنحن على دين ملوكنا، لا نتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، ولا نرضى -في المقابل- أن يتدخل أحد في الشؤون الداخلية لبلادنا، خصوصا إذا كانت السيادة على المحك.

ما يهمني حقا وأعدّه من شؤوني، هم مبتعثونا في كندا. سفراء الوطن وأهم مكتسباته. أقول لهم بصدق، إنني أتفهم صعوبة ما يحدث عليكم وعلى ذويكم.

خطط حياتكم ستتغير، لكن ثقوا بالله سبحانه، ثم بقيادة هذا الوطن، وقابلوا القدر بعزةٍ وثبات، فالإنسان لا يأخذ إلا ما كتبه الله له. القادم أجمل، وفي كل أمر خيرة لا نعلمها.