لا توجد مدينة مقربة للقلب ومتعلقة به مثل الرياض، كتبت بعشقها الكثير ولا زلت لم أعطها حقها، ومهما ذهبت غرب الأرض وشرقها تبقى على مكانتها، لكن كلما أرجع أجد أن حالها كما هو، لا أعرف هل العيب فينا، أنا تعودنا على رياض جيل الطيبين الذين ترعرعنا وكبرنا في ملاعبها وحواريها أم أن المشكلة في أمانة الرياض؟
كتبت سابقا عن الرياض الرمادية التي أصبحت أغلب أحيائها تخلو من اللون الأخضر، مجرد صبات وعمائر رمادية وطرق أسفلتية في مدينة وصل عدد سكانها لأكثر من 8 ملايين نسمة. درجة الحرارة في الصيف بسبب قلة الغطاء الأخضر أصبحت تحقق أرقاما قياسية، الشوارع الأسفلتية والمباني الجامدة كتمت الرياض وتبث ما يشبه اللهب، كان تقزيم الأشجار بدعة في مناطق المملكة المختلفة لا نعرف من يستفيد من هذه الجريمة في حق الغطاء النباتي ربما فقط المتعهد الذي كانت تتعاقد معه الأمانات والبلديات.
بإمكان الرياض أن تصبح جنة خضراء دون أي مجهود كبير لكن لا أعرف من يصر على قواعد وأفكار ليس لها موقع من الإعراب؟!
هل تعلم الأمانة والبلديات أن الغطاء الأخضر سيحل كثيرا من مشاكل الرياض؟ أشياء قد تخطر على البال وأخرى قد لا تخطر!!
الصرف الصحي في الرياض لو يعاد تدويره ومعالجته بكفاءة لكانت هناك غابات في الرياض بدون مبالغة!، كمية مهولة من المياه كافية لسقيا غابة كبرى في الرياض، تصور أن معدل استهلاك المياه للفرد في الرياض حوالي 207 لترات يوميا، فما هي كمية الصرف الصحي لو تمت معالجته لري الغطاء النباتي للرياض.
المساجد والمدارس التي توجد في كل حي، لو تم إعادة تشجيرها وإعادة تدوير مياهها لكانت الآن جنانا في كل أحياء الرياض، اغرسوا في نفوس التلاميذ السقيا والعناية بالأشجار والخضرة.
لماذا لا تفرض البلديات على كل فلل وعمائر الرياض قانون التشجير، فهذه البلديات تفرض على البيوت مقاساتها وقوانينها الخاصة في الشكل والحجم والأبعاد، أليس التشجير أولى!
لماذا الإصرار على النخيل ونحن لدينا ملايين النخيل في السعودية، وهناك أشجار أرخص من النخيل بعشرات المرات، وأقل استهلاكا للماء وأكثر اخضرارا وأكبر ظلا وأكثر ترطيبا للجو، وأقل للميزانية؟
عندما نضع غطاء أخضر، فإننا نضع مكيفات مجانية 24 ساعة في شوارعنا وأحيائنا، بعض الأشجار تعادل 10 مكيفات /24 ساعة، على الأقل نقلل من حر الرياض في الصيف والهروب الكبير، تصور أثر 8 ملايين شجرة إضافية على الرياض كما هو عدد سكانها!
هذا سيحل مشكلات كبرى:
فاتورة الكهرباء التي يشتكي الناس منها وأرهقت ميزانية كثير من العوائل ستنخفض إذا زاد الغطاء النباتي في الرياض، مشاكل المرور والشرطة ستقل، النفسيات تتعب في الحر والزحمة، انظر للمشاكل بين السائقين بسبب الحرارة والزحمة، لا أستغرب حتى المشاكل الزوجية ربما تقل بسبب أن اللون النباتي الأخضر يهدئ النفس. مشاكل التلوث والغبار وحتى مراجعة المستشفيات والضغط عليها يقل بسبب أن الأشجار هي رئة الأرض ومصفاة المشاكل الصحية كالسكر والسمنة ومضاعفاتها القاتلة تقل في الرياض، لأن الجو والطبيعة يساعدان على الرياضة والمشي!
كما شرحت الغطاء النباتي هو علاج لكثير من مشاكل المدن الكبرى!
قبل فترة كنت في الرياض وجربت أن أمشي فوجدت شوارع الرياض وأرصفتها غير مهيأة للمشي أبدا، شيء محزن مخيب للآمال، الأرصفة غير متوازنة وغير متشابهة وتصميماتها مختلفة هذا مرتفع وهذا نازل وكل محل يضع تصميما على مزاجه وتمشي كأنك في سباق حواجز، طبعا هذا غير الحفر والتكسيرات والأوساخ، طبعا الجو لا يساعد حتى في الليل بسب قلة الغطاء النباتي، لا أعلم كيف ستطلب أمانة الرياض من الناس استخدام المترو وهي لم تهيئ لهم الطريق للوصول للمحطات من بيوتهم! مشروع جبار حديث ولا تستطيع الأمانة تهيئة الشوارع المحيطة، هل يعقل هذا!!
لا يعقل أن يحدث هذا في الرياض، نعرف أن الرياض غالية علينا ونعرف أيضا أنها غالية على الإخوان في الأمانة والبلديات ووزارة البيئة والمياه والزراعة، ربما مثلنا وأكثر، فهي ديرتنا جميعا لكن اعذروني الرياض صارت شهباء من قلة الخضرة والتلوث والضوضاء، الرياض غالية على ملكنا «أبو فهد» – حفظه الله، لا تذكر الرياض وتاريخها إلا ويذكر أبا فهد والعكس صحيح فهما مثل التوأم، ونحن أهل الرياض أحببناها سويا. أرجوكم بروا بالرياض أيتها الأمانة والبلديات والوزارات.