عندما ينادي شاب بإيقاف بعثة عن شاب مبتعث، أو طرد طالب من جامعته في السعودية تجاوز الأدب في حق مجتمعه، أستطيع تفهُّم ذلك، فرغم أنه ربما يكون ليس أحسن حالا، لكن عادة غيرة النظائر تدفع الشباب لما هو أكثر.
المأساة عندما ينادي تربوي بذلك، أو حتى يقرر -كمسؤول- حرمان إنسان من فرصته في التعلم.
إن قرارا كهذا يناقض مهمة رسل المعرفة، والتي تتمثل في أن يُبقُوا ضوء العلم مضاء ولا يطفئوه على أحد، هذه رسالتهم، وليس دورهم صنع العقبات بل إزالتها، ولا تعميق المشكلة بمنح الشاب بطاقة نحو الجهل والكراهية، بل حل مشكلته ومعالجتها واحتوائه.
ثم إن قرارا كهذا لا يحمل أي أمل بمعالجة للمشكلة، فسيبقى الشاب سيئ الخلق والعبارات، لكنه أيضا سيصبح حاقدا ليس على مؤسسة التعليم التي طردته، بل على بلادنا، خاصة حين توغر صدره على بلاده عندما تدّعي ظلما أن هذه إرادة الدولة وهي ليست إرادتها، بل قرارها أن تكون ساعيا للإصلاح ما استطعت، بعيدا عن القرارات الانفعالية هذه، والدليل على ذلك رفض محكمة سعودية قرار وزير تعليم سابق فصل مبتعث اُتُّهم بتغريدات مسيئة، بل قامت بتعويضه عن كل ما دفعه لإكمال دراسته، منها التأمين الطبي.
إن هذا درس من قضاة المملكة العظماء لكل التربويين، وهو أن الحكومة تنتظر منك حل مشكلات الشباب لا تعميقها وتوسيعها، أن تفكر كتربوي لديه ألف طريقة لإعادة الشباب إلى طريق الصواب، وليس أن تصنع منهم قنابل مليئة بالحقد على أوطانهم، أن تنشغل بتهذيبهم ومناصحتهم وتوعيتهم، وليس بسهر الليل في كتابة تقارير عنهم مليئة بالأكاذيب، أو تقوم بتشجيع زملائهم على الوشاية بهم، كأن عين الله لا تراك، وكأنه ليس لديك أولاد مثل هذا الشاب.
كما أن تفكيرك بإيقاف بعثته لن يؤدبه بل سيجهزه ليكون فريسة سهلة للجمعيات الحقوقية المتربصة بوطننا في الغرب، وهي قادرة على الإغواء بالمال والمكانة، فلا تكن عونا للشيطان على شاب تقوده رعونة الشباب وينتظر حكمتك لإرشاده واحتوائه، هذه مهمتك المنتظرة منك كتربوي تخدم أهداف الدولة، وتسعى جهدك إلى تحقيقها في دعم الشباب والعلم.