أستمتع كثيراً بقراءة التعليقات في موقع قناة CNN الأمريكية، لأنها رصينة. كاتب الخبر لا يهم من يكون، أو كاتب المقال في بعض الصحف حتى، المهم هو المحتوى. قبل أسبوع كان هناك نقاش عن إعفاء رجال الإطفاء الذين شاركوا في 11 سبتمبر من الضرائب وتعويضهم، أحد التعليقات كان من مواطنة أمريكية في ولاية فرجينيا تسكن على بعد مئات الأمتار من مبنى وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاجون" وتتساءل عن الطائرة التي لم يشاهدها السكان وقالوا إنها ضربت المبنى. قدمت تلك المرأة دلائل ومشاهدات، وبعدها بدأ الجدل كل يدلي بدلوه ودليله. لم يقولوا لها إنها "إرهابية" أو "تغريبية" أو "تشريقية".

في الصحف العربية، والسعودية تحديداً، التعليقات عبارة عن نيران تكنها صدور المعلقين ويرمون بشررها الكاتب والصحافي، ومن ثم تتحول التعليقات إلى سخرية ببعض المعلقين أو استعراض لما كان يرتديه الكاتب أو المراسل حين كان يلعب في حارة الحي، أو نوع الشماغ أحياناً. هذه الأزمة تعبر عن "فضاوة".

الأحكام المسبقة هي الأزمة التي تقضي على الصحافة من قبل القراء، أو بالأصح من قراء العناوين. وهذا حق لهم طبعاً أن يكتبوا ما يريدون، لكن بحقائق.

يريد الكاتب أن يضيف له التعليق فكرة، أو يفتح له أفقاً في مقال قادم. والصحافي كذلك. تساؤلات القراء الأمريكيين ناقدة بحق، ومتسائلة. بشكل أكثر هي إضافة لما تمت كتابته، وهذا نتاج القراءة والاطلاع والتعامل الجيد مع الإعلام التفاعلي.

التعليق ليس لمجرد تعليق أو "فضفضة"، هو يعبر عن فكر من يعلق وثقافته، وأكاد أجزم أن معظم الكتاب والصحافيين يريدون أن يعرفوا ماذا كتب القراء وقالوا وفكروا، ليس ما نفثوا فقط!