حرمت جميع الأديان والطبائع البشرية قتل النفس الإنسانية بدون وجه حق، وجعلتها من أعظم المحرمات الدنيوية، لخروجها عن طبيعة البشر ولآثارها المفزعة على الشعوب والمجتمعات، ورغم القوانين التي وضعت من آلاف السنين للحد من تلك الجرائم، إلا أن جرائم القتل في بعض المناطق تزايدت بشكل ملحوظ لأسباب عديدة، منها الاضطرابات السياسية والاقتصادية وانتشار الأسلحة دون رقيب.

محلياً تشير الإحصائيات إلى أن رجال الشرطة تعاملوا خلال العام الهجري «1437» مع أكثر من 149 ألف جريمة، أبرزها الاعتداء على النفس،  وأفادت بأن المعدلات العامة للجريمة بلغت تقريباً 464.46 لكل 100 ألف من السكان، ويتميّز القضاء السعودي بصرامة عالية في قضايا إزهاق الأرواح والقتل العمد، وتعد من الأقوى عالميا، حيث من الصعوبة بمكان الإفلات من العقوبة إلا بالدية الشرعية التي تضخمت ووصلت أرقاماً فلكية بالسنوات الأخيرة، حتى وصلت لعشرات الملايين من الريالات، وأصبحت ظاهرة ملحوظة، ولاشك أن الأمر السامي الصادر حول تحديد مبالغ الدية، على أن لا تتجاوز 500 ألف ريال فقط محاولة لكبح جماح تلك الظاهرة.???

فحين يقوم مستهتر «قاتل» بسفك دماء «الأبرياء» نرى الجاهات والواسطات ونقرأ «الهاشتاقات» ونسمع الشيلات الحماسية التي تحث أبناء القبيلة على إنقاذ «البطل» من الإعدام، وينشط «سماسرة» الديات وتجار «الدم» في هذه القضايا متلحفين بغطاء «ديني» وراغبين في «عمولة» أو نسبة من الدية «إلا من رحم الله»، لا شك أن صناديق الدعم العائلية والقبلية رافد مهم لأفعال الخير لكن بإمكانها المساهمة في بناء مجتمع صحي واع مثقف بدل «استهلاك» مئات «الملايين» سنوياً في حماية «القتلة»، نريد أن نرى صندوقاً قبلياً أو عائلياً يتبرع لإنشاء مركز لعلاج غير المقتدرين أو بأجهزة غسيل كلى للمحتاجين السائمين من الذهاب لمسافات طويلة، بتلك المبالغ المليونية يستطيعون دعم وابتعاث المتفوقين من أبناء القبيلة أو العائلة أو المدينة التي ينتمون إليها، يستطيعون تزويج المعسرين وكفالة الأيتام، يستطيعون الكثير والكثير، ولكن ليتهم يفعلون وللمال يحفظون.

ولو استطاع أولئك «المهايطية» في إنقاذ «سوبرمان» من الإعدام فعندها هنيئاً للمجتمع بخروج «متهور» طليق حرٍ لكي يمارس هوايته بـ«حد» السكاكين وطعن «الآمنين».