استجابة معالي وزير العدل لمطالبات السعوديات بضرورة حل إشكالية عدم إبلاغ المرأة بخبر طلاقها كانت فعلا عظيما ومميزا، وأنا على ثقة تامة أن ما أوصى به من إرسال رسالة للمرأة المطلقة تخبرها بطلاقها مجرد حل مبدئي، حتى يتم مناقشة القضية وإيجاد حلول دائمة تناسب التمكين الذي بلغته المرأة في مجتمعنا في السنوات الأخيرة.
في الحقيقة القوانين والأحكام الفقهية الخاصة بالأحوال الشخصية بشكل عام تحتاج لمراجعة ليس فقط لأن العصر تغير، ولكن لأن الفقه الإسلامي نفسه متطور، وعدم تمكينه من التغير والارتقاء وسد الفجوة بينه وبين ما توصلت إليه الحضارة الإنسانية في حقوق الإنسان عامة والنساء خاصة ظلم كبير له.
وكما قال الإمام أبو حنيفة «هُمْ رجالٌ ونحنُ رجالٌ»، ولو راجعنا كتب الفقه نجد أن قضية الإبلاغ بالطلاق لم تأخذ حيزا من اهتمام الفقهاء لظروف المجتمعات الإسلامية في ذلك الوقت وبساطة الحياة وندرة التصرف بلؤم تجاه النساء، لكن الأحوال تغيرت والبلاد اتسعت والأخلاق لم تعد كما كانت، خاصة تجاه المرأة، مما يسمح بأن يتحدث الفقهاء ويناقشوا هذه القضية في ضوء المصالح وسد الذرائع، خاصة أنه قد يترتب على موضوع كهذا ارتكاب محرمات ومظالم لا يعلم حدودها إلا الله.
ولقد سبقنا إلى ذلك ابن تيمية رحمه الله عندما فرق بين نوعي الطلاق وجعل منه سني وبدعي حماية للأسرة، ودعوة للرجل للتمهل حين يطلّق ليفكر في شرعية ما يفعل، وقد يؤدي به ذلك للتراجع وحفظ أسرته وبيته، وكما تعلمون فإن سهولة الطلاق وكونه لا يتجاوز ثلاث كلمات في عرف الناس جعلا الشباب خاصة يتجرؤون على هدم منازلهم وتشريد أطفالهم.
وهناك آلاف المنافذ لإيجاد حل شرعي يتفق مع المصالح، ولا يناقض حق الرجل في الطلاق، مثل أن تضع الوزارة بندا
في عقد النكاح يتضمن شروط نقض هذا العقد بطلاق أو غيره، يكون منها أن يتطلب ذلك وجوده في المحكمة وحضور الطرف الثاني الزوجة، ومن لا يفعل يعرض نفسه للمساءلة والغرامة، وللدولة شرعا سن أي قانون يحمي شعبها وكرامتهم وفي رأيي هذا منه.