وقّع بعض العرب "كامب ديفيد" قبل أن يطلق سميح شقير أولى أغنياته الملتزمة الثورية.. ووقّع عرب آخرون "أوسلو" بعد أن انتشرت أغنياته وحفظها الناس عبرأشرطة لحفلاته توزع بطرق بسيطة ثم يتبادلها الأصدقاء وينسخونها من بعضهم .
خرج المحتلون من جنوب لبنان عام 2000، ولم يتوقف شقير عن تقديم الأغنية الملتزمة.. تنازل عرب آخرون لإسرائيل وتبادلوا معها العلاقات الدبلوماسية، وظل سميح شقير على خطه الذي انطلق منه. وبعد سنين طويلة من التجاهل، صارت أغنياته وحفلاته تظهر على تلفزيون وطنه، وصارت الدول العربية تطلبه ليقدم الحفلات بها.
نهاية الأسبوع الماضي كان لمحبي سميح شقير موعد مع الأغنية الملتزمة في حفل أحياه على مسرح بلدية العين في الإمارات.. وقبل الحفل وبعده تسابقت الفضائيات كي تحظى بلقاء أو حوار مع فنان تنبع هويته من همّ الإنسان ونبض الشارع العربي. وتتداخل الحكايات بين فضائية تعطيه قدره وترسل طاقما محترفا يليق بتاريخ مبدع كوّن جمهوره العريض بموسيقاه البسيطة وأدائه الساحر.. وفضائية أخرى "طارت مع العجة"، لكن القائمين عليها لم يدركوا قيمة "شقير" فأرسلوا أشخاصا مبتدئين للتحاور معه عن ثلاثة عقود حافلة بالكفاح وعن أغنيات لا يتذوقونها، ويستغربون لو سمعوه يغني لمحمود درويش:
"تفاحة للبحر، نرجسة الرخام، فراشة حجرية بيروت.."
فهم من الصعب أن يتخيلوا نرجسة تنبت في الرخام أو يربطوا بين تفاحة وبحر. وربما هم معذورون، لأنهم من جيل لا يعرف غير ما تظهره له الفضائيات المزدحمة بآلاف المطربين الجدد ممن "يجذبون" الجمهور وهم يغنون أو ينظّرون في البرامج والسهرات اليومية! وإن حدث ورأينا سميح شقير يغني على إحداها "هي يا سجاني... هي يا عتم الزنزانة..."
http://www.youtube.com/watch?v=9IPL-smt404
أو يغني "لو رحل صوتي ما بترحل حناجركم"، فالأغلب أن ذلك حدث في لحظة غفلة من القائمين عليها. وإن كان مقصودا كما فعلت mbc الثلاثاء الماضي، فلأنها تحترم نفسها وتقدر أهمية مبدع اسمه "سميح شقير".