خبر الله صدق، ووعده حق، قال تعالى (وَتَمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا)، صدقا في الأخبار، وعدلا في الأحكام، وقد أخبر الله تعالى أنه ينصر من نصر دينه، فقال تعالى (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)، وأخبر أنه ينصر رسله والمؤمنين في الدنيا والآخرة فقال تعالى: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَاد)، وأخبر أن جنده الذين يدافعون عن دينه ومقدساته غالبون فقال تعالى (وإن جندنا لهم الغالبون)، عندما أقرأ هذه الآيات وما جاء في معناها، أعلم يقينا أن الله تعالى حافظ بلادنا وولاة أمرنا، لأن الجنود في السعودية يدافعون عن دين الله وعن مقدساته في هذا البلد الأمين، فهم الغالبون، ولأنه لا يوجد بلد على وجه الأرض اليوم ينصر شريعة الله بمثل ما تفعله السعودية، وهذا أمر لا ينكره إلا مغالط للحقائق، وإذا كان الله قبل شهادة العلماء على أعظم مشهود وهو التوحيد، فلنستمع لشهادة عالمَين أطبقت الأمة على قبولهما والثقة بعلمهما ودينهما وصدقهما، وهما ابن باز وابن عثيمين، رحمهما الله، لنستمع لشهادتهما لهذه البلاد السعودية وقادتها، يقول الشيخ ابن باز، رحمه الله: (مَنْ يدعو إلى التوحيد الآن، ويحكِّم شريعة الله، ويهدم القبور التي تعبد من دون الله مَنْ؟ أَيْنَ هُمْ؟ أين الدولة التي تقوم بهذه الشريعة غير هذه الدولة السعودية؟ أسأل الله لنا ولها الهداية والتوفيق والصلاح، ونسأل الله أن يعينها على كل خير، ونسأل الله أن يوفقها، لإزالة كل شر وكل نقص، علينا أن ندعو الله لها بالتوحيد والإعانة والتسديد والنصح لها في كل حال) ويقول: (وهذه الدولة السعودية دولة مباركة، نصر الله بها الحق، ونصر بها الدين، وجمع بها الكلمة، وقضى بها على أسباب الفساد، وأمَّن الله بها البلاد، وحصل بها من النعم العظيمة ما لا يحصيه إلا الله، وليست معصومة، وليست كاملة، كلٌ فيه نقص)، وقال الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله: (إنني لا أَعلم أَن في الأرض اليومَ من يطبق شريعة الله ما يطبقه هذا الوطن -أعني: المملكة العربية السعودية-، وهذا بلا شك من نعمة الله علينا.. ولا أدعي الكمال.. ولكننا خيرٌ -والحمد لله- مما نعلمه من البلاد الأخرى، إننا في هذه البلاد نعيش نعمة بعد فقر، وأَمناً بعد خوف، وعلماً بعد جهل، وعزاً بعد ذل، بفضل التمسك بهذا الدين، مما أوغر صدور الحاقدين وأقلق مضاجعهم، فصاروا يتمنون زوال ما نحن فيه)، وقد تحقق وعد الله في نصرة من ينصر دينه، فنصر المملكة العربية السعودية لأنها تنصر الدين منذ تأسيسها، وقَمَعَ أعداءها، فكل من ناوأها، أو عارضها، أو خطط لتقسيمها، أو أثار الفتن ضدها، أو أساء لولاتها وشعبها، منذ قيامها على يد الملك عبدالعزيز إلى عهد ولي أمرنا الآن الملك سلمان بن عبدالعزيز، كل أولئك المناوئين، ذهبوا إلى مزابل التاريخ، وبقيت المملكة العربية السعودية قوية منصورة.
وإنني -وأنا أرصد وأتابع- لأعجب من جَلَد الفجار وحقدهم ومكرهم السيئ وافترائهم على المملكة، تؤزهم الشياطين إلى الكذب والوقاحة أزا، وهم مع ذلك يرفعون راية الحقوق والمظلومية، والشريعة والعدل، وهم أبعد الناس عن الشريعة والعدل والحقوق، وسيحيق بهم مكرهم، كما في قوله تعالى (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله)، وستبقى المملكة العربية السعودية كما كانت منصورة، ونحن نعلم أن الله تعالى تكفَّل بنصرة من أخذ حقه ثم بُغِي عليه، كما في قوله تعالى (ذَ?لِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِىَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ ?للَّه)، فكيف بمن بُغِي عليه بالكذب والافتراء والتهييج وهو صابر، لم يستوف حقه؟ لا ريب أن نصرة الله له من باب أولى.
وأخيرا: فحري بكل مواطن سعودي، لا سيما أهل العلم والدعوة إلى الله، أن يجتهدوا في الدعوة إلى التوحيد، ولينفوا عن الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وليبينوا مكانة المملكة العربية السعودية، ففي أرضها مهبط الوحي، ومأرز الإيمان، والحرمان الشريفان، وعلى أرضها يُؤدى الركن الخامس من أركان الإسلام، وقادتها يبذلون الغالي والنفيس لخدمة الإسلام والمسلمين، وليحذروا أن يستفزهم الذين لا يوقنون من الذين يتخذون من بعض الإجراءات سلما للإثارة والتجييش، فطالب العلم يعلم ويعمل بحديث: (وألا ننازع الأمر أهله)، وطالب العلم يعلم ويعمل بحديث: (من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، فإنّه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتةً جاهلية)، وطالب العلم يعلم ويعمل بحديث (عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك)، ويعلم ويعمل بحديث (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك، وإلا كان قد أدى الذي عليه)، ويعلم ويعمل بحديث: (تلزم جماعة المسلمين وإمامَهم)، وإمامنا في هذه البلاد الملك سلمان بن عبدالعزيز، فلنلزمه، ولنسمع له ونطيع، ولا نثير عليه شرا، بل لو خاض بنا البحر نصرة للدين لخضناه معه، فنحن سِلْما لمن سالَمَه، حرْباً على من حاربَه، ولا نلتفت للحاقدين والمستأجَرين، فهذه عقيدة سلفية صحيحة نعتقدها ونلقى الله بها، امتثالا لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الوارد في صحيح البخاري.
لقد بذل الملك عبدالعزيز وأبناؤه ورجاله الجهد والتعب والدم في سبيل توحيد المملكة، وكان الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يمشي في الشمس في بطون الأودية وشعف الجبال، وينام تحت ظل شجرة، معرضا نفسه للأخطار، فعل ذلك ليبني لنا نحن أبناء شعبه كيانا عظيما، ولنستريح تحت المكيفات، وندرس في أرقى الجامعات، ونعبد الله آمنين مطمئنين، أبعد كل هذا يأتينا حاقد مستأجَر حقير يريد أن يُشككنا في ولاتنا، ويزايد عليهم، متوهِّما أنه سيملأ قلوبنا حقدا على من كانوا مصدر عزنا وسعادتنا، لقد خاب وخسر، ولن يرى إلا ما يسوؤه، إن شاء الله.