لم تبق العاصمة الرياض حكراً على أهلها الأصليين وكذلك العاصمة الإسلامية مكة المكرمة والمدينة المنورة ومدينة جدة والمدن الأخرى. فمع وحدة الوطن التي بناها المؤسس ـ طيب الله ثراه ـ أصبحت إقامة المواطن السعودي في أي مدينة من مدن المملكة هي إقامة في وطنه. ومع تطور التنمية وزيادة فرص العمل في المدن الرئيسية انتقل الملايين من المواطنين من الجنوب والشمال ومن الشرق والغرب للعمل حيث تتوافر لهم فرص تكملة دراستهم حسب التخصصات التي يرغبونها ثم العمل اللائق الذي يحقق طموحاتهم، وهذا مما دفع الملايين من المواطنين للتوجه إلى العاصمة الرياض وإلى مدينة جدة مما ساهم في زيادة الطلب على الخدمات في هاتين المدينتين وهذا هو المبرر الأكبر في زيادة الميزانية لدعم الخدمات في العاصمة الرياض لتستطيع أن تقدم الخدمة الصحية والتعليمية والاجتماعية والخدمات المساندة الأخرى لجميع المقيمين في العاصمة سعوديين ومتعاقدين. فلم تعد جامعة واحدة كافية لدراسة أبناء ساكني العاصمة الرياض، ولهذا أنشئت أربع جامعات على رأسها جامعة الملك سعود ثم جامعة الإمام ثم جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية وليس أخيرا جامعة نورة بالإضافة إلى الجامعات الأهلية، وبنفس المبرر للتوسع في إنشاء الجامعات في العاصة الرياض أجد أن هناك تشابها كبيرا بين العاصمة الرياض ومدينة جدة وعلى وجه الخصوص زيادة الطلب على التعليم الجامعي بجامعة المؤسس الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه ـ التي أنشئت منذ حوالي خمسين عاماً وتطورت طاقتها الاستيعابية أضعاف الأضعاف حتى وصلت إلى الحد الذي لا يمكن فيه استيعاب عشرات الآلاف من الخريجين من الثانوية العامة كل عام ورغم خطط التوسع وإنشاء الفروع التي قامت بها الجامعة والتي تحولت إلى جامعات مستقلة في مناطقها ورغم خطة التوسع الحالية في مدينة جدة شمالاً وشرقاً إلا أن الجامعة بدأ يظهر عليها الترهل لضخامة حجمها وعدد طلابها. وحيث إن مدينة جدة ضمن أسرع المدن نمواً سكانياً سواء بالتوالد أو بالهجرة إليها فإن جامعة حكومية واحدة لا تكفي الطلب المتزايد للتعليم الجامعي فيها. فمدينة جدة فيها جامعتان الأولى حكومية وهي جامعة الملك عبدالعزيز والثانية جامعة أهلية جامعة عفت للبنات فقط وبها مجموعة من الكليات الجامعية الأهلية ذات الطاقة الاستيعابية المحدودة.
وهذا ما يدفعني اليوم إلى المطالبة المبررة عاليه لإنشاء جامعة حكومية جديدة في مدينة جدة ورغم الشائعات الإيجابية منذ سنوات بأن هناك استعدادات لإنشاء جامعة حكومية جديدة في مدينة جدة تبدأ ببعض كليات جامعة الملك عبدالعزيز المنتشرة شمال غرب مدينة جدة ويكون مقرها الجديد شمال شرق مدينة جدة حيث يقال إن الموقع قد خصص لها. إلا أنني بمتابعتي للميزانية الجديدة لم ألحظ أي ميزانية أو بنود في ميزانية وزارة التعليم العالي مخصصة لإنشاء جامعة جديدة في مدينة جدة.
ورغم معرفة القائمين على التعليم العالي والمخططين في وزارة التخطيط بأهمية وضرورة التوسع في إنشاء جامعة حكومية ثانية في مدينة جدة لزيادة الطاقة الاستيعابية لمواجهة الطلب. والذي كان يتوقع أن ينخفض بعد إنشاء الجامعات الجديدة إلا أن الطلب مازال في ازدياد. وهو مطلب لطلبة العلم حيث إن اقتصادنا في أوج مجده وعائداتنا النفطية في أعلى مستوياتها والفائض في الميزانية القادمة أمر مؤكد إن شاء الله في ظل أسعار متزايدة النمو لبرميل البترول الذي يتوقع أن يصل إلى 90 دولارا حسب بعض التقارير العالمية في الوقت الذي بنيت فيه الميزانية الجديدة على توقعات منخفضة تصل إلى 55 دولارا لسعر برميل البترول الخام.
إن طرحي اليوم بإنشاء جامعة حكومية جديدة في مدينة جدة وإن كان يتعارض مع مصالحي الشخصية حيث إنني أحد المستثمرين في التعليم الجامعي الأهلي في مدينة جدة إلا أن المصلحة العامة فوق كل الاعتبارات.
وإن كانت فكرة إنشاء جامعة جديدة في مدينة جدة غير مطروحة للحوار لدى أصحاب القرار فقد يكون البديل هو إنشاء جامعة حكومية للبنات فقط وفصل الكليات الجامعية للبنات عن جامعة الملك عبدالعزيز لاستيعاب مزيد من الطالبات في جامعة البنات الجديدة واستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب في جامعة الملك عبدالعزيز، وقد يكون هذا أحد الحلول المطروحة للحوار.
وإذا جاز لي الاقتراح في اختيار الموقع فأتمنى أن يتم اختيار أحد المواقع التي لا تعطي ظهرها للبحر وأقصد أن يتم اختيار أحد المواقع التي تطل على البحر وإذا كان هذا أمراً مستحيلاً في مدينة جدة فهل يتبرع أحد أصحاب الأراضي الشاسعة المطلة على البحر أو المجاورة له بأرض لإقامة الجامعة عليها مثل المواطن الصالح الذي تبرع بالأرض لجامعة الملك عبدالعزيز أو تقوم الدولة بنزع ملكية بعض أراضي المنح على البحر وتعويض أصحابها أسوة بمشاريع مماثلة للمصلحة العامة.