كتبت فيما سبق حول بروز ظاهرة التطوع في المجتمع السعودي في الآونة الأخيرة، فالعمل التطوعي يعود بفوائده الحاضرة والمستقبلية على الفرد والمجتمع، إلا أن ثقافة العمل التطوعي تحتاج إلى ضبط وتقنين ومتابعة، لضمان حقوق جميع الأطراف المعنية بهذا العمل.
وأقتبس من مقالي السابق «ينخرط كثير من الأشخاص من مختلف الأعمار في الأعمال التطوعية، إذ تتنوع دوافعهم ومكاسبهم من هذا العمل، ومن هنا يتضح أن للعمل التطوعي مكاسب، سواء كانت مادية -وذلك نادر الحدوث- أم معنوية، فالأخيرة أُسيء توظيفها واستغلالها في مواطن عدة، منها تشغيل الباحثين عن العمل تحت مسمى متطوع أو متعاون، دون حصولهم على أدنى امتياز من الشركات أو المنظمات».
فمن الاعتقادات المغلوطة، أن العمل التطوعي بلا مقابل، وهذا أمر لا يصح، فمن المتعارف عليه في الخارج أن التطوع يكسب الطالب نقاطا أو ساعات للتخرج من الجامعة، وفي حالات ليست بنادرة تصرف له قسائم شراء من المكتبة، أو من المحلات التجارية الموجودة في الحرم الجامعي، وما إلى ذلك، وفي حال كان المتطوع ليس طالبا قد يحصل على بطاقات تخفيض، تشمل خدمات ضرورية أو تذاكر رحلات، وهكذا.
والمغزى من هذه الأمثلة هو أن المقابل أمر لا بد منه، كي لا يصاب المتطوع بالاحتراق والخذلان.
وفي هذا الصدد، أقترح إنشاء «منصة وطنية للعمل التطوعي»، إذ تقوم جميع الوزارات والمنظمات والشركات... إلخ بالتسجيل فيها، وطرح إعلاناتها الخاصة بالعمل التطوعي، كما يتم تخصيص رقم تطوعي لكل متطوع، حتى يسهل احتساب عدد ساعاته التطوعية والجهات التي شارك فيها، وذلك يسهم في حفظ حق المتطوع والجهات المعلنة.
على سبيل المثال، تقوم المديرية العامة للدفاع المدني كل عام بطرح شواغر للتطوع في موسم الحج، فوجود مثل هذه المنصة يوحّد ويسهل عملية البحث والترشيح لكل من الأفراد والجهات الداعية للعمل.
فالجهة تستطيع أن تبحث عن المتطوعين حسب اهتماماتهم واختصاصاتهم المدرجة تحت أرقامهم على المنصة، والعكس صحيح. كما يتم التعاون مع وزارة الصحة لفحص المتقدمين قبيل ضمهم رسميا لهذه المنصة.
فيما يخص المقابل الذي يتلقاه المتطوعون، قد يتنوع من تقديم خدمات معينة من المنظمة التي سبق له التطوع فيها بعدد معين من الساعات، إلى ترشيح المتطوع لجهات التوظيف وتقديم توصيات له.
العمل التطوعي أمر لا بد منه، لدفع عجلة التطور المستدام في جميع النطاقات، وعلى جميع الأصعدة. فالحاجة مُلحّة لإيجاد منصة شاملة وجامعة وموفرة للطاقات البشرية والتقنية.