في قضايا المتحرشين بالأطفال تتوجه أصابع الاتهام للآباء والأمهات، وهذا منطقي جدا، فهما من ترك الطفل بالساعات أمام الإنترنت، وهما من فضلا البلاي ستيشن على رحلة برية أو بحرية أو زيارة مدينة الملاهي، هما من ترك الأطفال بالبيت وتأكدا من إغلاق الباب الواقعي وتركا الواقع الافتراضي بلا جدران.
لكن لو لبست قبعة الأب والأم فستجد ألف تبرير، وأهمه المادة من أين ندفع قيمة اشتراك في نادٍ أو مشاهدة فيلم أو زيارة متحف أو يوم في مدينة الملاهي، فكل ذلك لا تحتمله ميزانية الأسرة السعودية المتوسطة أكثر من مرة أو مرتين في الشهر، خاصة مع ميل الأسرة السعودية لإنجاب العديد من الأطفال، فتصير متع مثل البلاي ستيشن أرخص وأوفر الموجود.
لا توجد متع مجانية للأطفال في مدننا حتى أبسطها وهو حديقة الحي استولى عليها الفساد وبنى فيها فيلا، فتزاحمت البيوت في الواقع بعد أن كانت تقسمها الحدائق في الخريطة.
رجال الأعمال من أصحاب مدن الملاهي والأندية الرياضية يستغلون العائلات بأسعار غير معقولة للاشتراك الشهري، دون مراعاة لحق الطفولة في الاستمتاع.
لا توجد متاحف ولا مسارح للأطفال، ولو وجد سيستغل الناس بتذاكر باهظة دون رقابة، مثل ما حدث في السينما، ففي كل العالم تذاكر الأطفال صباح السبت لأفلام قيمتها رخيصة جدا وفي متناول الآباء، فماذا عنها في السعودية؟
إن كل ذلك بحاجة لوزارة الطفولة لأنهم مستقبل السعودية، وهي لا تقل أهمية عن وزارة العمل والتعليم لأنها ستركز اهتمامها على صناعة الطفل السعودي وحمايته بمنحه حقه في اللعب خارج البيت والنزهة، وهي ستكون صوته في حمايته من التحرش والعنف، ومهما كانت ميزانيتها والجهود فيها ستكون استثمارا حقيقيا لهذا المستقبل المحشور في غرف ضيقة أمام أجهزة مليئة بالبلاء تحت مسؤولية أب لا يستطيع أن يمنح كل شيء.