وضعت «رؤية السعودية 2030» ضمن أهدافها الإستراتيجية السيطرة على نسب البطالة المتنامية في المجتمع السعودي، وذلك بخفض معدل البطالة من 11.6% إلى 7%، وذلك عبر ما تقوم به من تحسينات وتعديلات وحزم التحفيزات، حسب توجيهات ولاة الأمر، وبما يخدم الرؤية الوطنية في القطاعين العام والخاص، إلا أن بعض القطاعات الحكومية باقية على عهدها، ولم تطلها التعديلات والتحسينات التي تزيد من فعاليتها في الحد من ارتفاع معدلات البطالة بين شبابنا السعودي حيث تحرم شروط القبول في القطاعات العسكرية عددا من المتقدمين لطلب الوظائف والخدمة فيها ممن يغلب الظن عليهم أنهم عناصر متميزة بسبب شروط القبول العتيقة.
والمطلع على تلك الشروط يجدها ليست ذات معايير ذهبية يتوجب توافرها لشغل تلك الوظائف، ولا يتوقف على توافرها قبول الأفراد الوظيفي، إذ إنها لا تمنعهم من أداء واجباتهم تجاه القطاع التابعين له، ثم إن تلك الشروط تابعة لنظام موضوع قبل 4 عقود تزيد ولا تنقص في المادة الرابعة من نظام خدمة الأفراد العسكريين، وهو النظام الصادر في المرسوم الملكي رقم م/9 بتاريخ 24/ 3/ 1397 والذي أقره مجلس الوزراء برقم 324 في تاريخ 16/ 3/ 1379. وإبقاء النظام دون تطويره والتعديل عليه بما يتفق مع الظروف الحالية، خاصة مع ما يشهده المجتمع من تحولات وتغيرات عملت على تعديل معظم اللوائح والأنظمة المعمول بها وتحسينها وتطويرها بما يتناسب مع ظروف الوقت الذي نعيشه، يجدر العمل على تعديل نظام خدمة الأفراد بما يتوافق مع حاجة الأفراد والدولة.
وقد سبق أن وافق مجلس الشورى بالأغلبية في عام 2011/ 1432 على طلب لجنة الشؤون الأمنية لدراسة المقترح المتضمن تعديل نظام خدمة الأفراد بما يتضمن تعديل شروط الاختيار للالتحاق بالخدمة العسكرية إلى تعديل شروط القبول، وتحديدا ما يخص طول ووزن المتقدمين للخدمة العسكرية، وكذلك المؤهلات العلمية والبدنية بهدف إتاحة الفرصة لأعداد أكبر من الشباب للمنافسة في التقدم للخدمة ولم يجر أي تعديل على النظام من حينها.
وتنص المادة الرابعة من نظام خدمة الأفراد العسكريين على شروط التعيين والقبول الوظيفي، وقد احتوت على ستة شروط فيما بينها الطول والوزن والتي لا علاقة لها بنوعية ومهام الوظيفة المتقدمين عليها، وتحديدا الطول الذي يخذل الكثير من الشباب الباحثين عن وظيفة عمل، ويمنعهم هذا الشرط من الحصول على تلك الوظائف أو حتى المنافسة عليها، وذلك يزيد من نسبة البطالة لا يعالجها وفقا لأهداف وتوجه الرؤية.
ولا أعلم في الحقيقة من الذي قصر القوة أو الشجاعة البدنية في طول الفرد من قصره، إذا إنها تعتمد بالدرجة الأولى على قوة النفس، ولا يعد طول الفرد أو قصره معيارا على قبوله الوظيفي، إذا يقف هذا الشرط من بين شروط القبول الأكثر ألما للشباب المتطلع للالتحاق، وصحيح أن في كل دول وأنظمة العالم معايير جسمية تختلف من مكان لآخر حسب طبيعة تلك الدول والصفات الجينية لها، لكن من المعروف أيضا أن كل تلك الدول تجري مراجعة وتعديلا لمعاييرها، خاصة أن مجتمعنا هو مجتمع شاب سريع التطور والتغير، يختلف في صفاته الفسيولوجية والنفسية والذهنية عن الجيل الذي وضع لأجله النظام القديم بسبب تطور الزمن من ناحية، ومن نواح أخرى تغير نمط الحياة والغذاء والتعليم والسلوك والمفاهيم، ولذلك فإن تطبيق المعايير القديمة على الجيل الحالي أو القادم فيه نوع من السكون الذي لا يتفق مع محاور الرؤية التي تتمثل في مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.