قبل أشهر قامت حملة شجاعة من شباب يملكون حسابات مؤثرة لتنظيف المحتوى في الإنترنت، ومن ثمارها اكتشاف شخص متحرش بالأطفال ووضع هاشتاق للقبض عليه، ولم يهدأ للجميع بال حتى تم إبلاغنا أنه قبض عليه وسيحاكم ونسيناه جميعا، لأننا ظننا أن القصة انتهت، لكن المفاجأة أنه خرج وعاد بمظهر متدين ماذا حدث؟ لا أحد يعلم.
موضوع هذا الشاب ذكرني بقصة حقيقية عاشت تجربتها سيدة في جدة اكتشفت أن زوجها حالة «بيدوفيليا»، وأبلغت عنه وقبض عليه وحوكم وسجن، وظنت هي وصغارها أن مرحلة جديدة من حياتهم بدأت، لكن بعد عامين وبينما هم في نزهة على كورنيش جدة وصغارها يتمرجحون لاحظت رجلا يقترب منهم، فأسرعت نحوهم لتجده زوجها السابق، فصرخت وهرب، اتصلت بالضابط الذي قبض عليه فرد أنها ربما مخطئة، لكنه سيبحث ثم عاد واتصل عليها، قال إن زوجها خرج بعد قضاء نصف المدة بعفو على حسن السلوك وحفظ القرآن.
هناك ثغرات واضحة في النظام هي التي تحرمنا من جني ثمار الحملات الشجاعة والجهود العظيمة لحفظ مجتمعنا وتنقيته من المجرمين بتحقيق العدالة للمغلوب على أمرهم من الأطفال والنساء والضعفاء، هذه الثغرات تبتلع العدالة وهي في منتصف الطريق، لتحققها وتتجاهل حق المظلوم في نصرة حقيقية، وتعرض المجتمع لمآسٍ عدة ليست فقط في خروج المجرم بعقاب مقنع، بل تشجع على ارتكاب الجرائم، لأن المجرم ليس غبيا، إنه يعرف أن حفظ القرآن وإطالة لحيته طريقة جيدة لخداع النظام والخروج في منتصف المدة أو ربعها.
في الحقيقة لا توجد كلمة في القرآن تقول إن حفظه يغير الإنسان، بل لا توجد فيه جملة تشير لاستحباب حفظه، بل هو يدعو للتدبر والوعي، وهذه أمور ليست مادية يمكن قياسها مثل حفظ الأجزاء، وبالتالي يسهل الادعاء بها، بل أمور تغير من الإنسان وتجعله أكثر صلاحا، لكنها تحتاج لعمر طويل لتؤثر، وهي قطعا لا تحدث عبر دافع براغماتي يجعل صاحبه يسلك سلوكا ليحصل على نتيجة معينة.
لذا دعوني أقول كأم أنا خائفة جدا على صغاري ليس من هذه الذئاب، بل من النظام المليء بالثغرات، والذي مكن الذئاب من استغلاله.
إننا لم نعد نقبل أخبارا مثل إلقاء القبض، بل نريد نظاما متكاملا وصارما يحقق معه ويحاكمه بعدالة، وإذا ثبتت إدانته يعاقب بعقوبة تتضمن علاجا نفسيا وسلوكيا ومدة كافية تجعله يعيد حساباته، مع عدم وجود فرصة لإطلاق السراح قبل انتهاء المدة.