مما لا شك فيه أن من أصعب الوظائف اليومية هي مقابلة الجمهور، وتلك الوظيفة تحتاج لشخصيات ذكية متمرسة تمتص ردات الفعل القاسية وتزرع روحا إيجابية وذكريات عطرة لدى المراجع، ويختلف الاستثمار بالقدرات البشرية وتدريبها من قطاع لآخر، ولكن القطاعات الربحية المحترفة تبذل مجهودات خرافية لتطوير تلك القدرات للمحافظة على «العميل» وكسب رضائه، ويخف ذلك الدور عند القطاع الحكومي ويصبح مربوطا بنضج قائد المنظومة واهتمامه الشخصي بخدمة عملائه، فنرى ذلك التفاوت الكبير بين القطاعات الحكومية من «ابتسامة» جميلة عند مرورك بـ«الجوازات» السعودية إلى «تعبيسة» و«تكشير» عن أنياب عند بعض القطاعات الأخرى.
عالميا أعلنت شركة «ستاربكس» مؤخرا، إغلاق كل متاجرها ومكاتبها المتواجدة في الولايات المتحدة الأميركية، لمدة يوم واحد فقط هو 29 مايو. وقالت الشركة في بيان لها: إنه «سيتم إغلاق أكثر من 8 آلاف متجر، وتوفير التدريب لنحو 175 ألفا من موظفيها، وإدماجه في تدريبات الشركة مستقبلا»، وتأتي هذه الخطوة بعد عدة مواقف اتهم فيها موظفوها الشركة الشهيرة بالتمييز العنصري، ورأت الشركة الشهيرة وجوب توفير التدريب لتلافي مثل تلك الحوادث المشينة.
محليا... تم اختراع وظيفة «المعقب» لتحاشي الاحتكاك مع تلك النوعية «المكفهرة» العابسة من الموظفين ومن أجل النوعية «المطنشة» التي تحتاج أن تذكرها بعملها كل صباح بعد وجبة «الفول والتميس»، ويزيد الطين بلة إذا كان «رئيس» القطاع أو الدائرة الحكومية من تلك النوعية التي تحاول حماية موظفيها، ورفض أي ملاحظات من شأنها تطوير العمل والرقي به، وتجدهم قبل أن تكمل ملاحظاتك يقومون باختلاق ألف عذر وعذر والقيام بدور «المحامي» ومن ثم «شخصنة» الموضوع لاحقا، لأنك تعديت الخطوط الحمراء، ويجب عليك الرضا بالأمر الواقع، وعند طرق أبواب أولئك «المسؤولين» -ويا كثرتهم- تتذكر ذلك المثل الشهير «كالمستجير من الرمضاء بالنار»، منطقيا يجب ألا يوضع أي موظف في مقابلة الجمهور دون المرور خلال تقييم واضح لطريقة الكلام والأسلوب وحسن المظهر، ويجب تطوير وتدريب الموظفين على التعامل مع المراجعين كـ«عملاء» وليسوا طالبي صدقة.
وأطالب بعض الجهات والهيئات الحكومية باستخدام بعض الميزانيات في تطوير موظفيهم وتدريبهم على حسن التعامل، فليس من المنطق أن تصبح تلك الهيئات مثل «المنشار» بدون أي خدمات تذكر.