ابنتي الحبيبة:

وأنت ترتدين حجابك صباحا بكامل حريتك دون أن تخشي أن تتعرضي للتفتيش من ذلك الشرطي بدعوى أن حجابك مخالف للقانون، كما يحدث للكثيرات غيرك، فإنك تكونين امتلكت نصف الحرية، أما عندما تخرجين من المنزل فتجدين الباص الذي أرسله لك وطنك مجانا لتركبي وتذهبي إلى مدرستك لتتعلمي مجانا أيضا، فقد امتلكت النصف الآخر..

عندما تلبسين ما تشائين، وتخرجين متى تشائين. فقد امتلكت ثروة لا يجرؤ الملايين من البشر على مجرد الحلم بها..

عندما تتعلمين في مكان مهيأ نظيف بارد وآمن يحترم خصوصيتك الأنثوية، ويمنحك مساحات من الحرية لتمارسي طفولتك بكامل البراءة والانطلاق، فإنك تملكين ما هو أكثر من الحرية..

عندما يدفع وطنك ملايين الريالات شهريا ليحضر لك أكفأ المعلمات، ويحرص أن يوفر لك أفضل المواصلات وأيسرها وأكثرها أمنا، والتيار الكهربائي يعمل في أشد أيام الصيف قسوة لتنعمي بفصل بارد، وسبورة ذكية ومسرح واسع، ومعمل مجهز من أجلك، فإنك تدركين حينها أن وطنك قد منحك مع الحرية الحب..

عندما يتخلى العسكري عند نقطة التفتيش عن حقه المشروع في تفتيش السيارة التي تركبين بها إلى جوار والدك احتراما لك، فإنك توقنين أن وطنك يمنحك مع الحرية والحب التقدير..

عندما تقطعين الشارع الفاصل بين السوق والمسجد بخطوات واثقة وقلب مطمئن وتدخلين مسجد النساء فتواجهك حلقة تحفيظ القرآن الكريم، وعلى بعد خطوات منها مسجد نظيف تفوح منه رائحة البخور، وتمطر مكيفاته المركزية فرشه الوثير بالنسمات العليلة الباردة، وليس على بابه جندي يحرسه، أو عسكري مدجج بسلاحه يراقبه، فليس هناك إلا نفحات الأمن والإيمان تطوق المكان من جميع الجهات، لتغرق عيناك الصغيرتان بالدموع، وأنت تقولين «رب اجعل هذا البلد آمنا.». فإن وطنك يمنحك مع الحرية والحب والتقدير... الأمان..

ابنتي الحبيبة:

وأنت تخبرين صديقاتك من خارج المملكة أن وطنك هو حامي حمى الحرمين الشريفين منذ بزوغ شمس هذا الوطن، وأن حكامه سخروا أنفسهم لخدمتهما حتى استبدلوا جميع الألقاب الملكية بلقب خادم الحرمين الشريفين، وليس مجرد لقب، بل عمل دؤوب منظم جبار مبهر يكاد يعجز عن استيعابه العقل.. ابتداء بالخدمة الرفيعة المستوى وليس انتهاء بالتوسعة الهائلة، في أمر يشبه المعجزة، بل أعتبره معجزة مكتملة الصورة تخلب اللب والبصر عندما تظهر في أبهى حللها أيام الحج الأكبر وليالي رمضان المباركة..

ابنتي وأنت تخبرينهن أن قائد بلادك هو الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي يحارب الحوثيين في الجنوب والدواعش في الشمال، وأذنابهم في الداخل، ويستقبل الملايين المتدفقة للحج من كافة أصقاع العالم، وإن كان ذلك عجبا، فالأعجب منه أنه يفعل ذلك كله في نفس الوقت، دون أن يرف لأمن الوطن جفن..!!

بنيتي..

وأنت تخبرين صويحباتك أن ولي العهد، هو الرجل الذي يجوب العالم حاملا الوطن في قلبه، وتحت عقاله عقل يتوقد ليضيء مستقبل الوطن، ويغمر مساحاته الشاسعة بالنور والألق..

بنيتي وأنت تفعلين ذلك فإن وطنك يضيف لك مع الحرية والحب والتقدير والأمان، مباهج الفخر والاعتزاز..

بنيتي وأنت تسمعين تلك الوافدة التي تقول غادرت المملكة إلى بلدي منذ عشرين سنة، ولم أستطع أن أنفصل عاطفيا عنها، ولم أستطع أن أنسى أيامي التي قضيتها فيها، ولم أستطع أن أتخلص من ذكرياتها، ولم أتمكن من التأقلم مع وضعي الجديد بعد أن أدركت أن الفرق بين الحياة في المملكة والحياة في غيرها من الأوطان كفرق الأرض عن السماء، وفرق الثرى عن الثريا..

عندما تسمعين ذلك فإن وطنك يكون قد أضاف لك بالإضافة للحرية والحب والتقدير والأمان والفخر كافة أطياف المشاعر الجميلة والفاتنة التي تبهج الروح، وتطير بك إلى سماوات الحلم والجمال، فتسمعين كل شيء حولك يهمس في خشوع: «رب اجعل هذا البلد آمنا».