أولى المساهمات التي دخلتها ولم تكن خاسرة أبدا، كانت في المقصف المدرسي، ما زالت ذاكرتي تحتفظ بذكريات الطفولة عن هذه المساهمات التي كنا كطالبات صغيرات نفرح بها جدا بداية العام الدراسي، فكنا نشتري بمصروفنا البسيط الذي نجمعه، أسهما ضمن المقصف المدرسي بداية كل عام، وتستغَل أموال مساهماتنا في تجهيز المقصف وأعمال البيع والشراء فيه، ثم تعود لنا أموالنا نهاية العام مع أرباحها.
عن نفسي كنت أترقب هذه الأرباح بفرح كبير، واستغلها كمصروف رفاهية في السفر في إجازة نهاية العام، استطاعت المدرسة بهذه المساهمات البسيطة أن تلهب حماسنا وخيالنا في كيفية المساهمة مستقبلا في خدمة المجتمع وفي التجارة.
استعدت ذكرياتي عن هذه المساهمات المدرسية في المقصف المدرسي بعد قراءتي قبل فترة بسيطة عن المشروع الذي يرعاه مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد الفيصل حفظه الله، المشروع الذي ترعاه إمارة مكة والذي يدور حول الاتفاقية بين وزارة التعليم ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية، والقاضي بتجهيز وتهيئة وتدريب الأسر من خلال دورات تدريبية مكثفة في البرامج التسويقية وإدارة الأعمال، وإيجاد بيئة عمل منتجة وصحية لقطاع التعليم بمنطقة مكة المكرمة، والاتفاقية تخدم الأسر المنتجة في جميع محافظات منطقة مكة المكرمة، الأمر الذي يمكّن الفئات الأشد حاجة من المشاركة الفعالة والاندماج الكامل في المجتمع، ويضمن استقلاليتهم عن طريق دخولهم سوق العمل، عدا عن إيجاد فرص عمل للمواطنين بتمكينهم من الاستثمار في مجال المقاصف المدرسية من خلال تشغيلها، أو تسويق منتجاتهم لتكون منافذ بيع دائمة، بما لا يتعارض مع الجودة في تقديم خدمات التغذية، ويتوافق والاشتراطات الصحية المعتمدة للمقاصف المدرسية.
هي نوع من جسر تواصل بين أفراد المجتمع، وهي حلقة ربط بين أفراد المجتمع وجهود الدولة لخدمته، ليصبح كلٌ منهم مساهما في نجاح جهود الآخر، ولمساعدة الأفراد في أن يكونوا فعالين بحق في تطور ودعم المجتمع، وفي الحقيقة فإني أرى هذه الرعاية الكريمة من أمير منطقة مكة، لفتة عبقرية تخدم المجتمع المحلي والاقتصاد الداخلي مستقبلا بشكل كبير، عدا عما تحمله من مضامين تكافلية اجتماعية وتربوية وتنموية راقية ومثمرة جدا، هذه الاتفاقية تخدم 480 أسرة بكافة أفرادها، وفي اعتقادي ستكون حجر أساس قويا لمشاريع تغذية قد نراها مستقبلا مشاريع كبيرة وربما عالمية، تكون رافدا جديدا من روافد الاقتصاد المحلي.