العام 2014 ظهر أحد أكثر الشيوخ شهرة، معلقاً على التعصب الرياضي. كان أحد الأندية السعودية يقابل نادياً أجنبياً، وكما تفعل جماهير كرة القدم، كان هناك من السعوديين من يتمنى هزيمته، يحدث هذا بكل مكان. قال الشيخ كلاماً جيداً في نبذ التعصب الرياضي، وضرورة الوقوف مع من يمثل الوطن، وليته توقف عند هذا! لكن الحماسة أخذته فاعتبر أن تشجيع الفريق الأجنبي خلل في عقيدة المسلم! وبالطبع لا يمكن وصف كلمته هذه إلا بالتجديف في الدين!
بهذه الأيام، ومع مشاركة أربعة منتخبات عربية في كأس العالم 2018، في طليعتها منتخب السعودية، صاحب الأرقام الأعلى، وممثل البلاد الفتيّة، يظهر تجديفٌ من نوع آخر، بدأ بعد الطريقة الوضيعة التي تناول بها محللو استوديو قنوات
بي إن سبورت هزيمة المنتخب بخمسة أهداف أمام نظيره الروسي. كان المحللون في غاية السفاهة والصغر، الصغر جداً. شخصياً وقعت على العريضة الموجهة لاتحاد الفيفا، والتي تطالبه بمحاسبة قنوات بي إن سبورت، ووقف استخدامها لنقل المونديال لأغراض سياسية، وعملها على بث الكراهية في الشارع العربي.
ادخل على أي وسم لمباريات المنتخبات الأربعة، واقرأ سيولاً من السباب، وتمنيات الإخفاق والسخرية المتبادلة، الجميع يلعن الجميع، وأي شخص من أي شعب، يقول كلمة متعقّلة، سيكون هدفاً لهذا الهياج.
فيما يخصنا نحن في السعودية، وأنا معني ببلدي وناسي، فقد كان أكثر الأشياء سوءًا هو تجاوز بعض إعلاميي الرياضة، ومشاهير التواصل، هذا السباب المتبادل إلى ربطه بالوطنية؛ إذا لم تدخل في حفلات الشحناء هذه، لو تمنيت الفوز لمنتخب شقيق، فهذا خلل في وطنيتك! وليس هناك وصف، ولا تسمية لهذا إلا بالتجديف في الوطنية!
عشية مباراة تونس وإنجلترا، مثلاً، كتبت في حسابي، في تويتر، أن مصر وتونس والمغرب ليست استوديو بي إن، ولا معاتيه الفيديوهات وكلام السوقة! بهذه البلدان أكثر من 150 مليون عربي، وهؤلاء هم الحقيقة، هذه الشعوب هم شركاؤنا في التاريخ واللغة، في الإنسان والمستقبل، وسنشجعهم كما نشجع السعودية. خلال يومين تلقيت قرابة المائة تعليق، ثمانون منها شتائم! المفارقة أني كتبت مقالة كاملة عن منتخبنا يوم مباراة الافتتاح، عن التفاؤل بالمشاركة الخامسة، والأمل أن يكون فريقنا هو الجواد المباغت. التعليقات صفر!
عزيزي المشجع.. إن البلاد حبٌ أصيل، يبدأ منها وينتهي فيها، من وإلى عمق الأرض والإنسان والحلم والكيان. نعم في الآخرين صغار، صغار جداً جداً، هذا واضح، لكن مبادلة الكراهية ليست اختبار انتمائك، ولا هذا التجديف!