وسأبدأ اليوم من حيث انتهيت ما قبل الأمس: أمام سمو الوزير الشاب على رأس الهرم الثقافي في الوزارة الجديدة مسؤولية ضخمة ومزدوجة: نهضة العمل الثقافي في الداخل، وصورة المملكة الثقافية، ووجه مجتمعها في عيون الآخر. ومن أمانة الكلمة أن أقول اليوم لسمو الوزير إن الوسائط والوسائل التي صرفنا عليها الملايين غير مجدية، ولم تنجح من قبل في تسويق المنجز الثقافي الهائل الذي يشكل حالة إبداع مذهلة لمسيرة هذا الوطن. سأنحاز إلى ملف الصورة الخارجية بوصفها من وجهة نظري الملف الأهم أمام سمو الوزير. سأكتب له وبكل الوضوح والصراحة تلك الحقيقة الناصعة من أن كثيراً من سفرائنا المعتمدين في عواصم هذا العالم الثقيلة لم يتفرغوا لشيء مثلما كانوا أسرى للدفاع عن كثير من المؤسسات التعليمية والأكاديمية والدينية التي بنيناها بأموالنا في كثير من مدن هذا الكون، ثم تحولت هذه المؤسسات إلى جدال ضخم ما بينها وبين سكان تلك المجتمعات، ولسموه أن يسأل هؤلاء السفراء الكرام عن ذلك الحصاد المر. آخر من تحدث عنه كان معالي السفير أسامة شبكشي بنظرة دامية. لدينا آلاف الأوجه الرائعة في المنظور الأعلى للمفهوم الثقافي ولكننا للأسف الشديد حاصرنا أنفسنا حين حصرناها في فكرة واحدة لدكان قد يكون آخر الخيارات في سوق واسع مفتوح.
نعم لقد تأخرنا في حسم كثير من الملفات الشائكة التي أضرت كثيراً ببرواز الصورة المجتمعية السعودية، ومع هذا سنرفع القبعة للقائد الذي أعادنا إلى مجرى التيار الطبيعي. وبقدر ما استقبل العالم من حولنا شجاعة هذه القرارات بقدر الصدمة التي أصابت ذات العالم، فمن ذا الذي يصدق أننا للتو نفتح دور السينما ونسمح للمرأة بقيادة السيارة.
والخلاصة يا سمو الأمير أننا نسبح فوق كنز ثقافي قبل أن يتواجد لغيرنا وكل ما نحتاجه ليس إلا حسن التسويق وشجاعة استعراض المرحلة. سأنتهي بما كتبته من قبل. السعودية هي ثلث قيمة شراء الكتاب في العالم العربي. هي الجامعات الخمس الأولى في تصنيف الجامعات العربية. هي خمسة عشر ضعف براعات الاختراع في العالم العربي. هي بالضبط ربع الاستهلاك التقني الحديث في كل مجال، وهذا هو الواقع الثقافي السعودي الذي طالما وصفه بعض حاقدي بني يعرب ببلد الجمال والنفط.