المعروف لدينا أن الدولة عندما تفتح المجال لمستثمر في المجال الخدمي، فإن الهدف هو تحسين الخدمة المقدمة للمواطن، وطرح خيارات متعددة أمامه تكفيه فكرة الخيار الأوحد، والذي لا يلبي احتياجاتها، خاصة في ظل النمو المتسارع للمجتمعات ومتطلباته المتعددة، والتي قد تقصر بعض المؤسسات عن الإيفاء بها، أو لنقل تقديمها بدرجة متقنة وسريعة لمن يطلبها.
وفي سياق ما ذكرنا، تم فتح المجال للمستثمرين في مجال النقل الجوي، ليوجد في الساحة أكثر من شركة طيران، تحاول أن تدخل منافسا للناقل الوطني «الخطوط الجوية العربية السعودية»، وعلى الرغم من صعوبة المنافسة إلا أن بعضها يحاول مستغلا تلك الفجوة التي حدثت بين الناقل الوطني والمسافرين عليها، بسبب تدني مستوى الخدمة، والبطء في تنفيذها، وتلك العراقيل التي تصادف بعض المسافرين من تأخر الرحلات والتكدس في المطارات، وما ينتج عن ذلك من ضرر في المصالح، وتأخر عن مواعيد مهمة، ومناسبات اجتماعية يصعب على الشخص التخلف عنها، إضافة إلى الزيادة الكبيرة في عدد المسافرين، والتي تتطلب زيادة في عدد الأسطول والرحلات المجدولة داخليا وخارجيا، وعلى الرغم من كل الانتقادات والشكاوى التي سبق إثارتها حول هذا الإشكال، إلا أن الوضع لم يتغير كثيرا، بل وكأن العدوى انتقلت إلى الشركات التي جاءت على أنها منافس قوي في جودة الخدمة وسرعة تقديمها للعميل، لتأتي التجربة خير برهان على أن بعضها لا يملك أي تميز، بل يستغل حاجة المسافر وظرفه، ليتلاعب بأوقات الرحلات ودون وجود سبب قوي يجعلك تغفر لها ذلك، كأن يعود التأخير إلى سوء في الأحوال الجوية أو لتعذر هبوط الطائرة في المطار المقصود لأي سبب، الأمر برمته مبهم، ما يصلك من رسائل متلاحقة تخبرك عن تأجيل رحلتك، وأنت ما عليك إلا أن تذعن وتتصبر وتدعو الله بالفرج، هذا الموقف تماما حصل معي على رحلة طيران خاص رقمها «98xy» ومعي ناس كثر، خط سير الرحلة الرياض أبها، وكان من المفترض أن تقلع مساء الخميس 24 من الشهر الثامن الساعة السابعة وخمسة وخمسين دقيقة، ولكن ونتيجة لـ3 مرات تأجيل لم تقلع إلا بعد الساعة الثانية والنصف تقريبا من فجر الجمعة، لتصل محطتها وأذان الفجر يرفع في مطار أبها، ولكم التخيل أن جميع الركاب على هذه الرحلة بمن فيهم من أطفال وعجزة وأشخاص يسكنون في مناطق بعيدة، يتجرعون مرارة الانتظار والمماطلة والتأخير في صمت وخيبة أنه لن يكون هناك إنصاف، وإن أُتيح للبعض فرصة الاحتجاج فليس من فائدة تذكر، بعض عبارات التطمين وإظهار المظلومية، وأن الطبيعة بمناخها المتقلب هي السبب، مع أن كل المعطيات أمامك تكذّب تلك الادعاءات، ونعود إلى رحلتنا والتي أخّرتنا يوما كاملا، لأن هبوطها في مطار أبها ليس معناه وصولنا، فأمامنا سفر آخر، نقطع المسافة الممتدة بين أبها ونجران برا، وبمسافة الضعف لرحلة الطيران المذكورة، أي 3 ساعات، وسائق السيارة العائد للتو يصارع الإرهاق والنعاس، وكمية الغضب الذي يسيطر عليه، مع التفكير في إيجاد حل سريع لمعاناة المسافرين من نجران في ظل استمرار إقفال المطار بسبب الأوضاع الراهنة، هذه الأوضاع لم تراعها شركة طيران»ناس» ، وهي صاحبة الرحلة المتأخرة، والتي لم ينصف ركابها، وكون وجهتها مطار أبها فمن البدهي أن غالب ركابها من سكان الحد الجنوبي، والذين لا بد من مراعاة ظروفهم الأمنية، وحتى طبيعة التضاريس، وكيف هي الطرقات التي يسلكونها من وإلى مطار أبها.
نحن لا نقول أن يكون في كل محافظة مطار، لكن تحسين الخدمة وتقديمها بشكل جيد هي أقل ما يقدم كمساعدة لتلك الأعداد الكبيرة جدا في مناطق الجنوب، ويخدمها مطار واحد حاليا، وأقصد منطقتي عسير ونجران تحديدا، والشاهد في هذا أن حقك مصادر في هذه الشركات، وما تسمعه أنك تستطيع الدخول على موقع أيّ منها لتقدم شكواك وتنتظر ربما تأتيك إجابة، مع الناقل الوطني هناك أكثر من قناة تستطيع إيصال ملاحظاتك خلالها، وتجد الرد سلبا أو إيجابا، وما نأمله أن تكون هناك وسائل تعيد إلى المسافر حقه، مع وجود متابعة لخدمات شركات الطيران، وفرض عقوبات في حال كانت الخدمة متدنية، لأنها في ظل عدم وجود رقيب لن تبالي بما يعانيه المسافرون الذين يجهلون حقيقة ما تعلن عنه من خدمات.