لم يستطع الأخ الزميل، أحمد السيد عطيف، أن يستجمع كل قواه ليفضح مافيا الأراضي التي تقضم ـ الخصر ـ الجميل لمحبوبته جازان في الحزام الضيق ما بين الساحل والجبل. أحياناً تحتاج الشجاعة في وضع الحروف بين النقاط إلى دليل ورقي ملموس لحماية الظهر، وأحياناً أخرى تحتاج ذات الشجاعة إلى مغامرة محسوبة والكاتب الجريء هو من يتبرع مرة واحدة في الشهر بالدخول إلى غرفة كهرباء الضغط العالي مهما كانت النتائج. الكتابة في أعلى درجات الشجاعة، لا أن تضع النقاط فوق الحروف، بل أن تضع الحروف بين النقاط ولكم أن تتخيلوا عشرات ـ الأوصاف ـ التي تنقلب إلى دلالة من الضد بمجرد تغيير حرف واحد تحت النقطة. وبالصدفة، استمعت إلى سمو أمير جازان في مجلسه ما قبل البارحة وهو يتحدث على الأقل عن ثلاثة مشاريع ضخمة للإسكان الحكومي والرسمي، ويقاتل من أجل إعلان البنيان وكأنني أقرأ في عيونه ما أقرؤه في عيون الجميع: أين نعلي البنيان وقد ذهبت - الهوامير ـ (بالأراضين) السبع؟

وبالتزامن قرأت ما قبل الأمس في الزميلة "عكاظ" عنواناً رئيسياً يقول بالحرف: ندرة الأراضي تعطل 6600 وحدة في برنامج إسكان الدولة.

والذي قرأته شخصياً من قبل في كتاب الجغرافيا، لا في "عكاظ" أو "الوطن"، أن مساحة بلدي مليونان ونصف المليون من الكيلومترات المربعة وأنك تحتاج لثلاثة أيام كي تسافر براً من الجنوب للشمال ويومين من الشرق للغرب، وبعد هذا كله نتحدث عن ندرة الأرض التي لم تستطع أن تهب إسكان الدولة عشرة كيلومترات مربعة من أجل بضعة آلاف شقة سكنية.

يقترح الزميل، أحمد السيد عطيف، قصر منح الأراضي بجازان على من تثبت إقامته بالمكان وهو بهذا يعالج أدنى درجات الشجاعة. لب المشكلة أخي أحمد لم تكن في 500 متر من أصل مليوني كيلومتر مربع ونصف المليون. نحن نعرف أن بضعة معدودة من هوامير العقار البلدي، هي من ترفع لوحاتها على كل هذه المساحات الشاسعة. هي من استطاعت بملايينها أن تقيم كل هذه العشوائيات ومن استطاعت أيضاً بملايينها أن تستخرج كل هذه الصكوك ولم يبق لك إلا ما كان بين قدميك على الشارع العام . نعمة من هؤلاء أن تركوا لك شارعاً تسير عليه. قلها ولا تخف.