لا أقصد بعملاء السفارات المتهمين المقبوض عليهم مؤخرًا، فهؤلاء وفقًا لنظام الإجراءات الجزائية الجديد يملكون حقوقًا من أهمها، ألا تحاكمهم قبل أن يحكم عليهم القاضي، وكلما كنت وطنيًا وسعوديًا ستحترم أنظمة الدولة وتشريعاتها، ولن تقول شيئًا يعرضك للمساءلة.
في الحقيقة إنها مجرد محاولة للتأمل فيما يحدث للسيدات السعوديات ليس من المنظمات الخارجية بل مما هو أخطر منها بكثير.
قبل سنوات كتبت مقالًا عن منال الشريف، عندما وقفت في مؤتمر عالمي تندد بالسعودية بلغة يصعب وصفها، ولا أخفيكم أنني تلقيت تنمرًا ونقدًا من الكثير من المثقفين السعوديين، عن أن ليس من حقي مصادرة حقها في التعبير وشرح معاناة السعوديات، ولم يكن لدي مانع في ذلك، لكن ليس خارج حدود السعودية، وليس بالأكاذيب وهي الموظفة الكبيرة في أرامكو وقتها.
على كل حال فاجأني أن المعترضين هم أنفسهم وياللمفاجأة الذين ينددون اليوم بمن تم القبض عليهم، مما دفعني للتعجب من الذي شجع منال الشريف على ما فعلت، من الذي جعلها تترك عملها المرموق في أرامكو وتظهر في «العربية» في برنامج إضاءات؛ لتحكي سيرة البطلة المزعومة حين قادت سيارتها وخالفت النظام؟!
لجين الهذلول كذلك شجعت ودعمت إعلاميًا من الداخل، ثم تركت وحدها الآن تواجه مصير عقوبة الإعدام؛ لأن ما لا يعرفه هؤلاء المشجعون أن التخابر مع الخارج لزعزعة المجتمع أو الوطن معلوم أن عقوبته الإعدام، فماذا فعلتم لهؤلاء النساء، ولماذا وقفتم الآن تتبرؤون من فعلهن وتصفونهن بالخائنات؟
قد يقولون لم نعلم أن الأمور قد تصل لهذا الأمر، وأقول إن هذا دليل آخر على عدم حكمتكم من قبل ومن بعد، فمن يتحدث في مؤتمر عن معاناة غالبها مختلق سيكون فريسة مستغلة لتمرير أجندات وخطط ظاهرها معالجة المعاناة وباطنها هدم الوطن وتفريق الأمة.
أضف أننا كسعوديين كنّا وما زلنا لا ندرك ما يخطط لنا، ونظن أن الناس سعيدون لأننا حققنا في السنوات الأخيرة نقلة كبيرة، لكن ذلك ليس حقيقيًا، والدليل أن هذه المنظمات تركت دولًا ما زالت تباع النساء فيها في الأسواق، وانشغلت بنساء يملكن نصف الأرصدة في البنوك، والوحيدات في العالم اللواتي يتمتعن بمساواة في أنظمة الأجور، ومنحن حقوقًا مؤخرًا في نقلة نوعية فاقت توقعاتهن، وكل ذلك تم من الرياض وليس السفارة الأمريكية، وربما ذلك هو ما يصدم تلك المنظمات ويدعوها للتنقيب عن مشكلة أو حق، وسيدة سعودية تظن أنهم سيصنعون منها نسخة أفضل مما تخطط له بلادها ووطنها.