ينتظر السعوديون بشغف ولهفة عام 2020، حيث ينتظرون -بمشيئة الله تعالى- أخبارا سارة على كافة الأصعدة التي تمس حياتهم، وينتظرون -ربما للمرة الأولى- قطف الثمار لشجرة شاهدوا اللحظات الأولى لمراسم وضع بذرتها بواد غير ذي زرع من الرؤى والمشاريع قصيرة المدى التي لم يعتادوا عليها، حيث جرت عادة السنوات الغابرة أن يشهدوا بداية خطط خمسية محفوفة بالوعود الوردية التي لا تلبث أن تجف ويذهب رحيقها بمجرد انتهاء مراسم إعلانها.

هذه المرة كل شيء يبدو مختلفا ابتداء بالرؤية الكبرى 2030، وليس انتهاء ببرنامج جودة الحياة 2020.

الأمور تبدو مختلفة بالنسبة للوطن الكبير وبالنسبة للمواطن البسيط، بل تبدو مختلفة حتى بالنسبة للعالم الخارجي، حيث كانت هذه الرؤى والبرامج بمثابة الأجراس التي نبهت العالم إلى وجود وطن تقيل وشعب طموح في مرحلة ما بعد النفط، أو طويل العمر كما يسميه الدكتور عثمان الصيني، وهي المرحلة التي سنلقي بظلالها الواسعة على حياة السعودي طول العمر.

ورغم كل ما يحيط ببرنامج جودة الحياة من تساؤلات طويلة الفواصل، وعميقة المدلولات، ورغم كل ما يُطرح من أسئلة سطحية أو تعجبية أو تقريرية أو حتى تهكمية من عبر الشارع ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ورغم بعض المخاوف التي تظهر وتختفي، وبعض الغموض الذي يلون بعض زوايا رؤية المواطن البسيط حول محاور البرنامج، ورغم ضبابية الرؤية فيما يخص دور المواطن نفسه في نجاح هذا البرنامج، وهل هو دور تفاعلي أم تشاركي أم محوري؟ هل هو رئيسي في مرحلة الإعداد، أم أنه لن يكون كذلك إلا في مرحلة التنفيذ، رغم كل ذلك إلا أن الانطباع السائد عند السواد الأعظم من المواطنين هو التفاؤل بمستقبل أفضل، وحياة أسهل وأكثر جودة ورفاهية، خصوصا فيما يتعلق بعدد الوظائف المعلنة المتوقع أن يسهم البرنامج في توفيرها (346 ألف وظيفة)، الأمر الذي يدغدغ أحلام الشباب، ويجعل ترقبهم لنجاح البرنامج ملونا بأطياف التفاؤل والبشر.

وهكذا فإننا نعيش لحظات لم نعشها من قبل، لحظات من الانتظار المشرب بالسعادة، بعد الخيبات التي طالت المواطن في الفترة القليلة الماضية، والتي شعر فيها بالخوف والقلق على مستوى المعيشة ومصدر الرزق.. وبدا أن الوطن تعرض لوعكة مفاجئة أصابت مفاصله بالهلع أكثر من الألم، ثم بدأ يتعافى أسرع من المتوقع.. حتى تسارعت نبضات قلب المواطن وتدفقت دماء التفاؤل المشوب بالترقب والحذر إلى أوردة الحياة الجديدة التي تنتظرنا وننتظرها بكامل الشغف.