عمر المشاري
من الآداب التي ينبغي على المسلم التأدب بها في المسجد أن يدخلها على هيئة حسنة، فيكون نظيفا في ملابسه وبدنه، فلا يلبس ثوب نوم أو لبسا لا يليق أو يُعاب عرفا، مثل البجامة والضيق من الملابس أو القصير إلى الركبة، لأن ما بينها وبين السرة عورة يجب سترها، ذلك أنها من شروط الصلاة، وحضور المسلم بهيئة حسنة إلى المسجد يدل على اهتمامه بصلاته وتعظيمه لها، فهو يعلم أنه سيقف بين يدي الله مصليا، فيراه ربه -عز وجل- مستجيبا لما أمره، قد أقبل عليه عبده متجملا ملبيا دعوة المؤذن إلى الصلاة، لابسا ما حسن من اللباس، نظيفا متطهّرا، طائعا شاكرا، مظهرا نعمة الله عليه، متجملا فإن الله -عز وجل- يحب الجمال، في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللهَ جَمِيل يُحِبّ الجَمَال)، ويؤدي صلاته خاشعا مطمئنا، يفعل ما أمره الله فيها بأركانها وواجباتها وسننها، ممتثلا أمر ربه قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] في تفسير الإمام الطبري أن (الزينة هي اللباس، وهو ما يواري السوءة، وما سوى ذلك من جيِّد البزِّ والمتاع). وقال الإمام ابن تيمية، رحمه الله: (العبد ينبغي له أن يلبس أزين ثيابه وأجملها في الصلاة). وقال رحمه الله في منهاج السنة: (تحسين النعل والثوب لعبادة الله هو من التجمل الذي يحبه الله)، وقال الإمام ابن القيم، رحمه الله: (كان لبعض السلف حلة بمبلغ عظيم من المال، وكان يلبسها وقت الصلاة، ويقول: ربي أحق من تجملت له في صلاتي).
ومما يلاحظ على بعض العاملين في الورش وأمثالها حضور أحدهم بثياب متسخة من الزيت، أو غير ذلك، فعلى العامل أن يخصص ملابس نظيفة للصلاة، ومما يلاحظ أيضا أن بعضا ممن يلبس البنطال يظهر منه شيء من العورة حال ركوعه أو سجوده، لضيق بنطاله، فعليه أن يتنبه لذلك.
ومما يتناقض ويُعاب أن بعضا من الناس يأتي إلى المسجد رَثّ الملابس، بينما يلبس أحسن لباسه في المناسبات والاجتماعات، أليس الأولى له والأجدر به أن تكون هيئته حسنة في المسجد كما هي حاله في غير المسجد، وعلى المسلم أن يأخذ زينته إلى المسجد، فكلما كانت أفضل كان الأجر أعظم.