بوصفه إطارا ماليا متوسطا يتم تحديثه سنويا كجزء أساسي من بيان الميزانية السعودية، صدر في نهاية عام 2016 برنامج تحقيق التوازن المالي كهدف رئيسي لرؤية 2030، مؤكدا على ضرورة تحقيق مبادئ الحوكمة وضمان تنفيذها الفعال، ومرتكزا على 5 محاور رئيسة، تشمل رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، وتصحيح أسعار الطاقة والمياه، وإعادة توجيه الدعم للمستحقين من خلال برنامج حساب المواطن، إلى جانب تنمية الإيرادات غير النفطية، وتحقيق نمو القطاع الخاص.
واليوم، بعد مضي عام ونصف العام على إطلاق البرنامج، تأتي المؤشرات المالية للربع الأول من عام 2018، مؤكدة على تحقيق الإيرادات غير النفطية ارتفاعا بنسبة 63% مقارنة بالربع الأول من العام الماضي، ومسجلةً زيادة في العوائد النفطية بنسبة 2%، ليرتفع إجمالي إيرادات الخزينة إلى أكثر من 166 مليون ريال، وبنسبة 15% زيادة عن الربع الأول من العام الماضي.
قطاعنا الخاص كان المسهم الأكبر في هذه الزيادة، من خلال التزامه المُشَرِّف بمبادئ الإفصاح والشفافية، وتعاونه المطلق في تقديم الإقرارات الضريبية والزكوية على السلع والخدمات التي استحوذت على 43.3% من الإيرادات غير النفطية، لذا جاءت إشادة وزارة المالية بدور هذا القطاع المميز الذي يجعله شريكا إستراتيجيا للدولة في تنمية الموارد غير النفطية، وداعما رئيسا للاقتصاد الوطني بقدراته المحورية.
كما جاء الارتفاع الكبير في مصروفات الدولة على الصحة والتنمية الاجتماعية، والتي فاقت 117% خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالربع المماثل من العام السابق، إضافة إلى استحواذ قطاعي الصحة والتعليم على أكثر من 41% من إجمالي المصروفات، ليؤكد على تصميم الدولة للنهوض بهذه الخدمات الأساسية وتنميتها، تمهيدا لتخصيصها وطرحها للاستثمار بالمشاركة مع القطاع الخاص، لزيادة الموارد غير النفطية وتوفير الوظائف الوطنية، وضمان رفع كفاءة الإنفاق التشغيلي.
ومع أن مؤشرات الميزانية للربع الأول من العام الحالي أوضحت ارتفاع الدين العام إلى 483.66 مليار ريال، بزيادة 40.4 مليار ريال عن مستوياته في نهاية العام الماضي، إلا أن تحقيق المعدلات الجيدة في نمو الإيرادات غير النفطية، والاستمرار في وتيرة متزنة من الإنفاق الحكومي ورفع كفاءته تعكس تقدما ملموسا في مسيرة الاستدامة المالية، وتضفي نجاحا حقيقيا على أهداف برنامج التوازن المالي.