في آخر حلقات حديث العرب، استضاف الدكتور سليمان الهتلان، المفكرَ المعروف عدنان إبراهيم.

في الواقع، المقابلة كانت غنية جدا، وتستدعي التوقف عند كثير من النقاط حولها، وفي مقالي هذا لي توقّف صغير عند ملاحظة ذكرها الدكتور عدنان حول علاقة العلل بالأحكام في الشريعة الإسلامية.

إذ قال، إذا وُجدت العلة وُجد الحكم، وإذا انعدمت العلة انعدم الحكم، وهو هنا يشير إلى قاعدة أصولية عظيمة هي «الحكم يدور مع السبب وجودا وعدما».

على كل حال، هناك مسألة تم النقاش حولها باستخدام هذه القاعدة، وهل تطبق عليها أم لا؟ لذا، دعوني أقص عليكم قصتها.

في 2005، عندما قامت مجموعة من الإرهابيين المحسوبين على المسلمين بالاعتداء على لندن، اشتعلت الكراهية ضد المسلمين، وبما أن الوحيد الذي يُعرف أنه مسلم بملابسه هن النساء، أفتى علماء بريطانيا -استنادا إلى هذه القاعدة- بجواز خلع الحجاب، لأن الآية الواردة في لباس المسلمات عللت الحكم بالأذى، قال تعالى: «ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين»، أي أن الحكم مرتبط بعلة، وهنا تنطبق عليه القاعدة الأصولية التي أشرنا إليها بالأعلى. حسنا، لو كان العكس، أي هي ستؤذى لو هي محجبة فما الحكم؟

في الواقع، كان العلماء شجعان، فأفتوا بجواز الخلع، لأن الضرورات تبيح المحظورات، وبالطبع، قامت حملة ضدهم في العالم المسلم الذي لا يدرك أن روح المسلمة عند الله أهم من الكعبة، بل نقطة دم منها أهون من هدم الكعبة حجرا حجرا، فطفقت رسائل الرفض من المسلمين، لكن شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي أيّد الفتوى، وكان عاقلا نزيها موضوعيا في ذلك.

أخيرا، مع احترامي للدكتور عدنان -رغم نقاشه هذه القاعدة- إلا أنه لن يتحدث عن ارتباطها بحجاب المسلمات، ومن يتابعه يعرف ذلك، لأنه دائما يحرك المواضيع برؤوس الأقلام، ثم يرفع كفيه مستسلما عندما يواجه بالعمق، كما أنه في النهاية رجل عربي، ولو ناقشته في حجاب المسلمات -وهو أجرأ مثال على هذه القاعدة- لتلفّت يمينا وشمالا ولن يجيبك. هذا ظني وربما خيّبه وتحدث بصراحة عن ذلك يوما.