وأنت غارق في دموع تفجيرات العراق وخرائط الطريق الملتوية التي تقذف بالقضية الفلسطينية كل يوم في حضن دولي جديد دون بارقة أمل، وحروب الصومال وأفغانستان ومشكلات البرد القارس في العالم، يحلو لبعض القنوات الفضائية العربية التي تعتبر الأخبار تكملة إكسسوار لبرامجها "الترفيهية" التي تصل بك إلى حد مغادرة المنزل كليا والانزواء في أي مكان لا يراك فيه أحد، كما يحدث لي عند مشاهدة برنامج "هو وهي" على "إم بي سي". يحلو لهذه القنوات تذكيرك بأنها قنوات "فرفشة العائلة" حتى وهي تقدم أخبارا يفترض بها أن تكون جادة وصالحة للمشاهدة من قبل جميع الأطراف المكونة للمنزل بدءا من الأطفال وليس انتهاء بـ"جدة البيت".
ولكن مشكلة هذه "الفرفشة الإخبارية" أنها تزيد العيار أحيانا، فتكشف لجميع أفراد العائلة حتى "ما بين السُرة والركبة" وهي تقدم خبرا يتعلق بـ"نجمة غناء غربي" مثلا، كما حدث في نشرة الأخبار المسائية الرئيسية لإحدى هذه القنوات قبل أيام قليلة. حيث كان الصمت سائدا في أرجاء المنزل لسماع تفاصيل اكتشاف طبي حديث جعل منه قارئ الخبر حدثا طبيا نادرا!!. وفجأة ودون مقدمات انتهى الخبر الطبي "المتجهم" ليأتي دور "الأخبار الخفيفة" التي اعتادت هذه القناة على تقديمها. ولكن وللحق فإن خبر تلك الليلة كان خفيفا بزيادة كبيرة جدا، فلم تكن بطلته "النجمة الأميركية" ـ نسيت اسمها ـ تلبس أي شيء تشعر معه بأي ثقل على جسدها الرشيق الذي يسمح لها بـ"التنطط" على المسرح بكل رشاقة، حيث لم تكتف القناة بصور ثابتة لوجه "المغنية"، بل ـ ربما لزيادة خفة الدم لدى المشاهدين ـ عرضت مقاطع أقل ما يقال عنها أنها مخجلة وتخدش الحياء وبقوة، ومع ذلك ختمت المذيعة الأخبار بابتسامة عريضة لم أعرف لها سببا حتى الآن، سوى أنها شعرت بحرارة غضب المشاهدين، الذين تغلغل البرد في أجسادهم، بعد أن شاهدوا تلك المقاطع التي لم تلبس فيها المغنية أي"هدوم"، ففرحت لأنها شعرت أن قناتها "العائلية" ساهمت في تدفئة المشاهدين "روحيا".
وهنا يحق لنا التساؤل:هل أصبح استفزاز المشاهد بمثل هذه الأخبار السخيفة، ولا نبالغ إذا قلنا إن بعضها هابط، أمرا سهلا يمر دون محاسبة أو حتى لفت نظر؟. ففي اعتقادي أنها ضمن الاهتمامات الشخصية لمن يضعها ضمن أجندة الأخبار الرئيسية فقط، ولا تهم ملايين المشاهدين ،بل العكس أنها تنفرهم وتستفزهم بشكل كبير.