هناك فيديو جميل لرجل يشكو من مواقف حياتية مع الناس حوله، فابن جاره يظهر فجأة خلف سيارته، وامرأة لا تعيره انتباها وهي توقف سيارتها في مكانه، ورجل يتقدم عليه في الطابور، وعامل المقهى لا يلبي طلبه، لكن وسط تبرمه يحصل على نظارة عجيبة تجعله يقرأ قصة كل شخص منهم، فالمرأة فقدت صديقها لذا لا تنتبه لما حولها، والرجل فقد عمله قبل قليل، وعامل المقهى في مرحلة علاج من الإدمان، والطفل الصغير يدور في شوارع الحي بحثا عن اهتمام.

لكل شخص يؤذينا بقصد أو بدون قصد قصة تجعلك تتراجع عن التوقف طويلا عند أذاه، إنه مجرد إنسان محمل بالآلام والضغوط ووَجَدَك أنت أمامه فلربما شتمك مباشرة أو قال سمعت فلان يقول عنك، وربما كان أجبن قليلا، وقال لدي صديق يفعل كذا وكذا، وأنا أعتقد أنه بهذا الفعل هو كذا وكذا، ثم يبتسم ليتأكد أن رسالته وصلت، وربما لست أسعد حظا منه، لكن يجب أن تكون أكثر صبراً ولا تأخذ ما فعله بجدية تصرف طاقتك بها وتسرف في انفعالاتك وتضيع على نفسك فرصة الاستمتاع بالحياة وبالتالي النجاح.

أيضا ربما يدعوك إلى ألا تحملهم على محمل الجد حقيقة أن معظم ما يقوله الناس لك على سبيل الشتم هو في الحقيقة إسقاط، وأن حكاية كل إناء بما فيه ينضح ليست مجرد جملة، وأنه فعلاً الناس يركزون عن مخاصمتك على ما يعانون منه، فهم أكثر خبرة فيه وهو أول ما تلتقطه ألسنتهم من رسائل أدمغتهم.

على كل حال أحيانا قد يكرهك شخص لأنك فقط أفضل منه أو أكثر اجتهادا، فيحاول أمامك أن يقلل من إنجاز لك، وهذا أيضا لا يجب أن تحمله على محمل الجد لأنك لن تحقق له غايته وهو التوقف عن صناعة الاختلاف، فالأفضل أن تبتسم وتتجاهل ما قال.

هناك أيضا قبيلة المستشرفين والذين يستفيدون من حب الناس للستر فيظنون أن لا أحد يعرف سوءاتهم لمجرد أن من حوله مهذب ولا يرغب في الفضائح، فتجده يتوسط القوم ويلعن فساد هذا وانحراف أخلاق هؤلاء، والرجال يستمعون له ويضحكون في سرهم فلا طاقة لعاقل لنقاش مستشرف.

وتذكر أن هؤلاء لا يستحقون أن يؤخذوا بجدية لأن الناس كما قال الشاعر الحجازي الحكيم دغسان أبوعالي:

اسمع كلامي يالذهين المنبه

مافيه لمخلوقٍ من الناس سبه

ابن ادمٍ لو ما يستر العيب ربه

يبات كلٍ من دواهيه خجلان