كثير جدا من النساء في بلادنا يرتدين النقاب دون قناعة لأسباب متعددة، أهمها اتباع مفاهيم ما يسمى بالصحوة في الدين، والتي تحرم على المرأة كشف وجهها، بتأويل نصوص آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة لمصلحة العادات الرجعية التي تؤمن بها وتعمل على نشرها بكل الوسائل الممكنة، بعد أن انتشر أتباعها -رجالا ونساء- في معظم الجهات الحكومية والأهلية، وانخدع بمفاهيمها العامة الذين لا يبحثون عن الحقيقة ولا يقرؤون بحثا عن الصحيح من الآراء الفقهية.
وقد استخدمت الصحوة المزعومة التعليم والمساجد والإعلام والرحلات الخلوية، في نشر مفاهيمها الدينية بين المواطنين من الجنسين، وعم الظلام بيوتنا فلم يعد بيت يخلو من أتباع الصحوة، ولن تجد هذه الأيام أسرة لا تضم بين أفرادها عضوا مخدوعا بمفاهيم الصحوة المزعومة، إذ يحارب الصحوي أباه وأمه وأخاه وأخته بتوجيه الاتهامات لأي منهم، ولا يتردد في قتلهم متى ما رأى أن الآخر كافر، لمجرد أنه لم يطبق مفاهيم الصحوة المزعومة.
لقد عانى المواطنون -رجالا ونساء- من هذه الحركة السياسية التي زعمت أنها الصحوة، وعانيتُ منها كثيرا لأنها اكتشفت أني أعارض مفاهيمها الدينية، وأكتب وأناقش آراءها الرجعية، فوضعت اسمي في القائمة السوداء التي تحوي اسم أي معارض لها فكريّا، وانكشف لي ذلك منذ عدة سنوات، حينما أرسلت للإدارة العامة للمكتبات المدرسية حوالي 18 كتابا من كتبي للأطفال، رفضت اقتناء أي عنوان منها لأن معظمها يحارب الصحوة فكريّا، وهم لا يريدون لكتبي أن تدخل المكتبات المدرسية، فتحطم أفكارهم وتزيل أوهامهم من رؤوس الناشئة في المدارس.
ولحسن حظ هذه البلاد، رزقنا الله -عز وجل- الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، الذي قال «نحن نعود إلى ما كنا عليه قبل عام 1979، إلى الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم، وعلى جميع الأديان، وعلى جميع التقاليد والشعوب، وأضاف سموه قائلا: إن
70 % من الشعب السعودي أقل من 30 سنة، وبكل صراحة لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار مدمرة، سندمرها اليوم وفورا، وقال حفظه الله: نريد أن نعيش حياة طبيعية تترجم ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة، وهذا أمر أعتقد أنه اتخذت خطوات واضحة حوله في الفترة الماضية، إننا سنقضي على بقايا التطرف في القريب العاجل».
وقبل أسابيع، ظهرت وكيلة وزارة التعليم لتعليم البنات الدكتورة هيا العواد، دون نقاب، خلال مشاركتها في المعرض والمنتدى الدولي السادس للتعليم الذي أقيم في الرياض، فثار عليها أتباع الصحوة بكلام لا يقبله عقل أو دين، ولم يبق عليهم غير إصدار الحكم برجمها.
ولشدة الصدمة التي تلقتها الصحوة نظمت مظاهرة في إحدى المدارس بالعاصمة الرياض،
صغيرةٌ في شكلها خطيرةٌ في أهدافها، كان عنوانها: «حجابي تاج رأسي» وكان من أهدافها أن تختبرنا.. وللحديث بقية.