زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -وفقه الله- يوم الثلاثاء الماضي لسماحة شيخنا صالح الفوزان، حفظه الله، جبل العلم والدعوة، الثابت على الحق كالجبال الرواسي، مهما كثر المتلونون والانتهازيون، صاحب الشيخين الجليلين الراحلين ابن باز وابن عثيمين، رحمهما الله، واصطحاب سموه الكريم في زيارته له معالي الوزير العالم الناصح الأريب صالح آل الشيخ، هذه الزيارة وإن كانت غير مستغربة من قيادتنا، لكون الشيء من معدنه لا يستغرب، إلا أن الناس فرحوا بها، وصاروا يتداولون مقاطع الزيارة، ويدعون لسمو ولي العهد بالتوفيق.
ولي مع هذه الزيارة وقفات:
الأولى: ما سبق أكدته في مقالات كثيرة من رسوخ هوية هذا البلد وثوابته، وأن نصرة الدين، وعلماء الإسلام الراسخين، الذين لهم قدَم صدق في الثبات على الحق، ونفع البلاد والعباد، هو من الثوابت لدى ولاة الأمر، وهي وصية الملك عبدالعزيز، رحمه الله، فقد قال لابنه الملك سعود عندما ولاه ولاية العهد ما نصه: (أوصيك بعلماء المسلمين خيراً، احرص على توقيرهم ومجالستهم وأخذ نصيحتهم...)، فلا يصح أن يُزايد أحد في ذلك.
الثانية: أن انشغال ولي العهد بأمور الدولة، وكثرة المهام والأعمال، لم تمنعه من زيارة هذا العالم الراسخ، فهو كما سمعنا خرج من اجتماع مجلس الوزراء، ولم يذهب للراحة بعد عمل طويل، بل ذهب إلى سماحة الشيخ ليزوره في بيته، ولم يطلبه ليأتيه، ولو فعل لأتاه الشيخ سامعا مطيعا.
الثالثة: أن في هذا أبلغ رد على قنوات الشر والفتنة، التي تزايد على ولاتنا، وتقول يسجنون العلماء، حاشا وكلا، ما هذا والله أخلاق ولاتنا في كل مراحل الدولة السعودية: الأولى والثانية والثالثة، بل العلماء الذين يسيرون وفق منهج السلف الصالح، ولا ينتمون لأي حزب أو جماعة أو فكر وافد أو دولة معادية، لهم التقدير والاحترام، وما زيارة ولي العهد لسماحة شيخنا صالح الفوزان إلا دليل على ذلك.
الرابعة: حكمة ولي العهد في اختيار الرجال، فاصطحابه للوزير الشيخ صالح آل الشيخ، يشرح الصدر، ويسر الخاطر،
فهو بطانة صالحة، سطَّر أسلافه الراسخون في العلم والعقل النصح للدولة وللناس، في كل مراحل الدولة السعودية.
الخامسة: التواضع الجم لولي العهد، يظهر ذلك من مخاطبته للشيخ، فيا من تُشغبون على ولاتنا، هل رأيتم لهم نظيرا في العصر الحاضر في خدمة الإسلام، وتكريم الراسخين في العلم والعقل.
وكما قيل:
أُولَئِكَ آبَائي، فَجِئْني بمِثْلِهِمْ
إذا جَمَعَتْنا يا جَرِيرُ المَجَامِعُ