في بداية الثمانينات بدأت مارجريت تاتشر وحزبها الحاكم تطبيق ما يسمى بالنوليبرالزم وأداتها إدارة الأداء التي تعتمد على معايير ومؤشرات دقيقة لتحديد المعلم المستحق للراتب والمكانة التي تمنحها له وظيفته كمعلم.

هذا التطبيق صاحبه صراخ وغضب واعتراضات تحالف فيها الإعلام مع المعلمين ضد تاتشر، وسمى باحثو التعليم تلك العملية بعملية إخراج المعلمين من الجنة على يد السيدة الحديدية، في الواقع ما تطلبته المرحلة كان الكثير من العمل مع الكثير من المنح التي تستند للتقييم القاسي والمرهق، وبالرغم من كل الاعتراضات والمظلوميات التي شنها المعلمون استمر العمل بنفس الوتيرة، حتى بعد تولي حزب العمال الحكم بعد تاتشر لإدراكهم أهمية ما يحدث.

اليوم لدى المعلم البريطاني روح وثقافة العمل بطريقة تثير دهشتنا كأمهات وآباء، فبالرغم من الثلوج كانوا يفعلون كل ما هو ممكن ليبقى باب المدرسة مفتوحا، وعندما اشتد الوحش السايبري في مارس الماضي بثلوجه على مدينتنا وصلتنا اعتذارية حزينة عن إقفال المدرسة.

بين يدي كباحثة في الأدائية التعليمية العديد من الدراسات التي كانت ترصد غضب المعلمين في الماضي، ورأيهم السلبي، ولدي دراسات تظهر إيجابيتهم وترحيبهم بكل ما كانوا يعتبرونه تكليفا مرهقا، فما الذي حدث؟

إنها ثقافة النوليبرالزم التي تمنحك راتبا عاليا وهو يقارب راتب المعلمين السعوديين من غير ضحايا بند 105 وإجازات متعددة، ولكن أنت مهدد عند انخفاض أدائك بالطرد من جنة المعلمين خلال ثلاثة أسابيع إذا أشارت بذلك لجنة من ثلاثة مديرين.

في السعودية هناك تصريح لمعالي الوزير حول إجازة المعلمين وتحديدها وملء ما تبقى من إجازات المدارس بالدورات التدريبية، وهذا قرار لا يسع معلما يرغب في التطوير والتحسين إلا أن يقف له إنها فرصة عظيمة لهم للتدريب على ممارسة مهنية مدفوعة التكاليف سيجني هو ثمارها عندما يبدأ العمل بالرخصة، وغيرها من أدوات تقويم المعلمين، والتي مع الرؤية وأهدافها سيجد كل متكاسل ومتهاون نفسه مطرودا من التعليم، فلقد ولى زمن القبول بالأداء المتهافت والتسيب والغياب، وجاء بقوة زمن الأفضل سيحصل على الوظيفة، وسيبقى بها ما دام يحسّن ويطور أداءه، فمخرجات هذا الأداء هي مستقبل السعودية، وهو أمر لا يمكن أن نختلف عليه، ولا نتعاطف مع من يتهاون به.