على الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سينسحب على الأرجح من «خطة العمل الشاملة المشتركة» بشأن اتفاق إيران النووي في الشهر المقبل، بدا أن الاتفاق يتجه نحو الانهيار المُبكر أو نحو عملية إعادة التفاوض في السنوات المقبلة على أي حال، وذلك لأسباب متعددة:
أولا، يسمح الاتفاق لإيران بتطوير قدرة نووية على نطاق صناعي عندما ينتهي نفاذ بعض القيود على مدى العقد ونصف العقد القادمين. ومن غير المرجِّح أن يوافق المجتمع الدولي على احتمال وصول إيران مرة أخرى إلى عتبة الأسلحة النووية، لذلك من المفترض أن يسعى إلى مراجعة البنود قبل وقت طويل من تاريخ استحقاقها المتفق عليه أصلا.
ثانيا، لا تزال واشنطن وطهران تختلفان حول إمكانية فرض العقوبات. فإيران ترى أن «خطة العمل الشاملة المشتركة» تحظر على الولايات المتحدة فرض أي قيود من هذا القبيل، في حين يدّعي المسؤولون الأميركيون أنه لا يزال بإمكانهم فرض عقوبات على النظام في القضايا غير النووية، مثل انتهاكات حقوق الإنسان، والإرهاب، والتورط المحتمل في هجمات الأسلحة الكيميائية في سورية. لذلك حتى إذا جدد الرئيس الأميركي التنازلات التشريعية بشأن العقوبات النووية في الشهر المقبل، قد تتداعى «خطة العمل الشاملة المشتركة» إذا صدرت عقوبات شديدة غير نووية ضد البنك المركزي الإيراني أو صادرات إيران النفطية، لأن طهران قد تعتبرها انتهاكات فعلية.
ثالثا، نصَّ الاتفاق على تمتع المفتشين بإمكانية الوصول إلى المواقع الإيرانية المشبوهة «في أي زمان وأي مكان». ومع ذلك لم يتوصل الطرفان أبدا إلى توافق في الآراء حول هذا البند، حيث جادلت إيران بأن بعض المواقع لا تزال محظورة، وهي تمنع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» من إجراء عمليات تفتيش كاملة فيها. وإن هذا الوضع غير قابل للاستدامة على المدى الطويل.
وفي النهاية، بإمكان الرئيس ترمب إيجاد طريقة لحل هذه القضايا أو الانسحاب من الاتفاق. فلم يعمل حتى الآن على إيجاد الإجماع الدبلوماسي الأوروبي اللازم لإعادة التفاوض على الاتفاق، رغم أن بعض المسؤولين في الاتحاد الأوروبي أبدوا استعدادهم للموافقة على عقوبات معينة في ضوء الأنشطة الإقليمية الإيرانية ومقاومة طهران لعمليات التفتيش.
فخلال المفاوضات الأصلية حول «خطة العمل الشاملة المشتركة»، كانت فرنسا في الواقع أكثر المؤيدين للعقوبات، لكن منذ ذلك الحين منح الأوروبيون الأولوية لمصالحهم التجارية فوق الاعتبارات الأخرى، لكن في النهاية قد يعمل ذلك لصالح واشنطن، حيث تضمن قوة الدولار ألا تخاطر أوروبا بأعمالها التجارية مع الولايات المتحدة لمجرد مواصلة التجارة مع إيران، لا سيما أن اقتصادها يبدو على حافة الهاوية، وعملتها الرئيسة قد انخفضت بنسبة 50%، والاحتجاجات العامة مستمرة.
جاي سولومون*
* مؤلف وزميل زائر مميز في «زمالة سيغال» - (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط) - الأميركي