صحيفة أتلانتك الأميركية العريقة تحدثت مع ولي عهدنا سمو الأمير محمد بن سلمان في حوار أشبه ما يكون ببوصلة للسياسة السعودية الخارجية الحالية والقادمة، ظل اليمين المتشدد الإسلامي لوقت طويل بكافة أطيافه حتى اللحظة، يصور حياة المسلم أنه في حرب دائما فيما يسمى عسكرة الإسلام، فعندما يزرعون الخوف في المسلمين وأن حياتهم في خطر يسهل عليهم إذاً السيطرة على عقول الناس، يصورون للمسلم أنه لا مكان للتعايش والتسامح مع الآخر حتى يسلم هذا العالم كله أو نحاربهم لآخر قطرة دم، وكلتاهما فكرتان غير منطقيتين البتة، وجهة النظر هذه التي ترى العالم باللون الأبيض والأسود انعكست على مناح كثيرة دينية وغير دينية.

ولي العهد يواجه مهمة ليست ببسيطة، فقد علق بالإسلام وفهمه وبحوثه الكثير من المفاهيم الخاطئة، ومحاولة تصحيحها عمل جبار ولا بد أن نتكاتف جميعا، مواطنين ومراكز أبحاث، مع رؤية ولي عهدنا الأمين، أحد هذه المفاهيم مفهوم الأمة الإسلامية وأن المسلمين قلب واحد، الحقيقة تنكر هذا الشيء تماما، المسلم السعودي غير المسلم الهندي غير المسلم اللبناني، الثقافة تختلف فتؤثر بالدين وتتأثر، هذا غير العوامل الأخرى، وهذا غير المذاهب الإسلامية المتعددة، بعضهم يريد للحياة كما ذكرت سابقا باللون الأبيض والأسود، أعتقد أن من جماليات الإسلام وجود التعددية المذهبية، من يريد لنا أن نكون نسخة واحدة بتفكير واحد ونمط واحد أليس هذا مملا؟! أليس هذا يقتل فينا الإنسان المتفرد الذي صنعه الله فريدا لكلا موهبته وحرفته؟

مصطلح الأمة الإسلامية استخدمه تيار اليمين المتشدد الإسلامي ليروجوا لفكرة سقوط الشرعية عن حكومات كافة الدول الإسلامية، ويتمنوا يوما أن توحد كافة الدول الإسلامية تحت راية واحدة، بالطبع هي راية متشددة، فمن يريد إسقاط كل هذه الحكومات ولا يهمه قتل الأبرياء، كالإخوان وما فعلوه بالربيع العربي، وسقوطهم السريع هو شخص عاجز عن قراءة الواقع السياسي قراءة واقعية، القراءة العاطفية للسياسة التي تمزج الدين به قراءة خطيرة تؤدي بك لتحليل الأمور من منظور رومانسي يلقي بالواقعية من النافذة، لذا فهؤلاء العابثون وكأنما يبتزون الناس باسم الإسلام.

قبل أن أدخل في صلب الموضوع لا بد أن أقول إن الأمم اللفظية لا تعيش طويلا، خصوصا تلك التي لا تتعدى تصريحاتها مسلسلات تاريخية مغلوطة وتصريحات بلغة عربية ولباس عربي لا يليق بشخص ولد في منطقة لا تلبس هذا اللباس، الأمة السعودية أمة فعلية، وهي أمة تتغير سياستها تبعا لمصالحها، فمن يريد اللحاق بركب الاستنارة فأهلا وسهلا، ومن أراد النظر للخلف والبقاء مع المتأخرين فلا مكان بيننا لمتأخرين، رجل القانون السعودي محمد بن سلمان صرح بتصريحات كثيرة لصحيفة أتلانتك كان أكثرها إيلاما للمتاجرين في السوق السوداء للسياسة، هي القول إننا وإسرائيل جيران، وإننا نؤمن بحق إسرائيل بالعيش جنبا لجنب -أراضي قومهم قوم موسى-، هذه هي السياسة الحقيقية لغة المصالح المشتركة، الحق أننا تعبنا من الشعارات الجوفاء طوال هذه السنين، فلو صرفت المنظمات الإرهابية أموالها على ابتعاث أبنائهم للخارج بدل شراء السلاح والإرهاب لتغيرت خارطتهم في عقد واحد ربما، هل سأل أحدكم من يراقب أموال التبرعات التي لو أحصيتها لربما كانت تكفي لبناء بلد كامل!

لا مكان بيننا اليوم لمن يؤمنون بالإخوان وأفكارهم المتطرفة التي يستحيل تحقيقها، وقد ثبت فشلهم في عام واحد عندما تولوا الحكم في مصر.

حديث ولي عهدنا المستنير كان في جوانب عديدة، ولكن هذا كان أبرز جانب، الأمة السعودية قادمة وبقوة، والإسلام دين السلام لا الحرب، فلنرجعه ممن خطفوه! يكمل ولي عهدنا المستنير بقول إن هؤلاء العابثين يحاولون إقامة خلافة إسلامية -وهي فكرة سياسية لن تتحقق- لم يطلبها الله منا، بل ما طلبه الله -عز وجل- هو نشر الإسلام سلميا، لكم دينكم ولي دين، وإعمار هذه الأرض بالحب والسلام، والسعي للتعايش مع كافة أطياف هذا العالم المتنوع هو مطلبنا السعودي الحالي.