تنوعت أساليب الرسالة الإعلامية التي قادها سمو ولي العهد في رحلاته إلى خمس دول في ثلاث قارات متنوعة الحضارة والشعوب، وقاد بأسلوبه التنوعي بوصلة الإعلام الغربي إلى اتجاه يصحح معه بعض المفاهيم المغلوطة عن السعودية وأهلها، وعن الإسلام وأتباعه، فكانت جولات سموه -وفقه الله- من أبرز الوسائل الداحضة لتصحيح الصورة المغلوطة لدى الغربيين عن المملكة وعن الإسلام وأهله، وكلنا تابعنا خلال هذه الجولة الملكية لهذه الدول كيف رسم جدولها، وكيف استطاع الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- التعامل مع كل دولة وبلد بشكل يتناسب ولغة الأمة التي يحمل فكرها الصحافة ومحطات التلفزيون في تلك البلدان، بدءا من زيارته الأولى إلى مصر الكنانة كان لزاما أن يحسم أمرا يدور في أذهان بعض المشككين في قوة العلاقة السعودية ومصر، حتى إن سموه تنوع في هذه الزيارة بين حضور المنشآت وزيارة الكاتدرائية المصرية ليبُرهن على عمق التواصل الحضاري بين الأديان، ثم زيارة المنشآت الاقتصادية، فأعطى صورة للعالم أن مصر بعروبتها هي عمق عربي مع المملكة لا يمكن الاستغناء عنه، وأن علاقتنا بمصر مهما تنوعت شرائح المجتمع هي على مسافة واحدة من التقدير والاحترام، كذا الحال في زيارته إلى المملكة المتحدة بريطانيا التي وُقعت معها العديد من الاتفاقيات الاقتصادية في مجالات متعددة ختمت باللقاء الشهير مع طوائف الديانات ورجالات الدين في بريطانيا التي تعتبر من أهم الدول في القارة الأوروبية، ليطلق سمو الأمير حوار حضارات من نوع آخر يبين فيه سموه سماحة الإسلام ووسطية وانفتاحه على العالم، وأن من سمات الإسلام عدم إقصاء الآخرين، وأن الحكمة ضالة المؤمن أَنّى وجدها أخذ بها، وهذا ما حمل سمو الأمير محمد بن سلمان أن يقوله للمجتمع البريطاني عبر لقاءاته وتصريحاته الصحافية المتنوعة، ثم جاءت زيارة الولايات المتحدة التي أمضى فيها سموه ما يزيد عن أسبوعين متُنقلا بين العاصمة والمدن الأمريكية وبعض الولايات الأخرى، وهنا كان تفوق الأمير في مخاطبة الشعب الأميركي عبر القنوات والصحافة التي يعرف الأميركيون لغتها، وسمعوا من الأمير ولي العهد ما لم يعرفه الشعب الأميركي عن الإسلام وعن المملكة على مر عقود ماضية، فكانت الصورة التي قام بتصحيحها الأمير في ذهنية الغربيين جلية وواضحة، أن الإسلام دين سلام ومحبة، وأن الشعب المسلم شعب يتعايش مع كافة الشعوب في منهج السماحة والوسطية، بعيدا عن الغلو والتطرف الذي قام بعض المسلمين وبكل أسف على مر العقود من الزمن أن يصور الإسلام بأنه دين إرهاب، لكن الأمير محمد بن سلمان ذكر في لقاءاته وزياراته وفي كل ولاية وصلها الصورة الناصعة للشريعة، الإسلام دين المحبة والسلام، فأبدع ولي العهد باختصار الوقت ومسح ما كانت الذهنية الغربية تحمله عن الإسلام والمسلمين على مر العصور، ثم جاءت الزيارة قبل الأخيرة للجمهورية الفرنسية وانعقاد مؤتمر صحفي تجلى فيه ولي العهد كعادته ببيان واضح وفصيح لغة وأداء ووضوحا، ركز فيها على أهم القضايا الشرق أوسطية، وعلى بعض القضايا التي يرددها الإعلام الفرنسي في بعض الأحيان، فكانت إجابات سموه واضحة عميقة لم يعتد عليها العالم ليكون بذلك قد أوضح بالحجة والبرهان أن إيران هي من شوه الإسلام، وهي من تريد جر المنطقة والعالم إلى حرب لا تحمد عقباها، وذكّر سمو الأمير العالم بأهمية ألا يكرر العالم الصمت حتى يحدث ما قد حدث عام 1938 الذي فجر الحرب العالمية الثانية، فقال للعالم إني نذير لكم، قالها في وسط هذا المؤتمر الصحفي مع الرئيس الفرنسي وأمام الصحّافة العالمية، إن الصورة الجديدة في سجل الزيارات التي قام بها ولي العهد -حفظه الله- إلى هذه الدول كانت مختلفة في التناول والتباحث وتحسين صورة الإسلام لدى الآخرين، أسلوب نجح فيه محمد بن سلمان في هذه الزيارات كلها، وختمها سموه بزيارة إسبانيا ذات الصداقة العريقة مع المملكة، سدد الله جهودك وعملك أيها الأمير والبقية في الطريق.