في المجتمع الغربي، كل يوم تسمع عن قصص دمار أسري وشخصي، بسبب العلاقات بين الرجال والنساء في الإنترنت، رغم أنهم مجتمع أصلا يقابل الرجال فيه النساء في كل مكان، فلماذا سلمت الأسر من هذه الانهيارات في الاختلاط الطبيعي والواقعي، ولم تسلم من الاختلاط التكنولوجي؟

في رأيي، أن السبب هو اعتقاد المختلط في الإنترنت أن الخصوصية والسرّية اللتين توفرهما له الشبكات الاجتماعية، تمكّنه من ارتكاب ما يشاء دون خوف من المحاسبة، كما أن لديه شعورا -وهو يقترف ما يفعل- أن الأمر كما حدث في النت سيبقى في النت ولن يظهر للعلن، لذا توابعه ستكون غير ضارة.

لكن الواقع يقول لا، فمن متابعة الصحف تجد أن قلوبا تحطمت وحيوات فشلت بعد أن ظهر بالصدفة أحيانا ما كان موثوقا أنه لن يظهر ولن يؤثر.

على كل حال، هذا التجاوز لا تجده في الواقع، لأن الناس يخافون على سمعتهم وعلى أحبائهم وشركائهم، بسبب ارتفاع نسبة خطورة ظهور الخطأ خلال الاختلاط، وبالتالي سيل من الانتقادات ممن حوله، وربما تجريمه. إذن، الخطورة من الاختلاط لا تكمن فيه بنفسه، بل في المختلطين أنفسهم، الذين ترتفع تعرُّض علاقاتهم الأسرية والزوجية بل صحتهم النفسية، إلى التدمير، إذا لم يلتزموا بالمبادئ والأخلاقيات، ولم يتركوا أنفسهم تنطلق في رغباتها وشهواتها، دون رقيب أو حسيب.  وهذا يقودني إلى القول، إن معارضي الاختلاط الواقعي، سواء آباء أو أمهات، يجب أن يدركوا أنهم يضيعون وقتهم، فبناتهم اختلطن في الإنترنت وانتهى الأمر، وهو أشد خطورة، لذا على الجميع عدم تضييع الوقت والحرص على تنمية الوعي بالقيم في داخل أنفسنا نحن، لأننا لسنا في مأمن من الخطأ، وكذلك أبناؤنا.

يجب أن نذكّر أنفسنا حتى لو أخطانا سابقا بأهمية تحديد المسافات بين الرجال والنساء، خاصة أننا كسعوديات تختلط علينا الأمور، فلم ندرس مع رجال يوما، ولم نزاملهم، ولم يدرسوننا بشكل مباشر. الرجل الأجنبي الوحيد في حياتنا أصبح زوجا أو خطيبا أو حبيبا، والرجل السعودي أيضا. والخروج من هذا التصور الحصري -وسط هذا الاختلاط المفاجئ- يحتاج إلى كثير من المؤسسات الاجتماعية في المملكة، ولست هنا لأعدد ذلك، أعتقد أن التوعية الاجتماعية أمور يعرفونها أكثر مني على كل حال.