مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، تزداد الأصوات المعارضة لحزب الله في الارتفاع، فنجد أن معارضة الطائفة الشيعية لسياسات الحزب وتبعيته الكاملة لإيران، تزداد أكثر فأكثر، وقد أصبحت هذه المعارضة اليوم تشكل تهديدا حقيقيا له في الانتخابات النيابية القادمة، والتي بدأ يشعر فيها بأن لوائحه سيتم خرقها في أكثر من منطقة، وتحديدا في البقاع الحر والرافض لتحويل شبابه إلى حطب يستخدمه الحزب في محرقة إيران وحروبها الطائفية.
الشيعة العرب جزء من نسيج هذه الأمة العربية، وقد كان لهم الدور الأبرز في مواجهة الاستعمار، ورفض تدخل بعض الدول في سياسات المنطقة منذ زمن بعيد، وهم لم ولن يقبلوا أن يتم تحويلهم إلى أعداء لهذه المنطقة تحت أي ظرف، لأن مشروعهم كان دوما وحدة هذه الأمة العربية والإسلامية، ورفض الفرقة والضعف والوهن الذي يصيبها، بسبب بعض المستفيدين من إيران ومشروع ولاية الفقيه الذي تحاول تصديره إلى بيئتهم وأهلهم.
إن المنطقة اليوم تشهد تحولات سريعة ومهمة على كل الأصعدة، والأهم في هذه المرحلة تكاتف جميع مكوناتها في مواجهة المخاطر التي تحيط بنا، ولا يمكن أن يتم السماح بإقصاء المكون الشيعي، بذريعة أن معظم أبناء هذه الطائفة من المؤيدين له، بل يجب العمل بجهد كبير على الفصل بينهم وبين الحزب، وإيجاد الأسباب الحقيقية التي سمحت للبعض بالانخراط في حزب الله وإصلاح الخلل، وتحرير هذه الطائفة وشعبها الذين يُعدّون رهينة في يد إيران وحزب الله، ودعم أبنائها لمقاومة ولاية الفقيه الإرهابية وتشكيل مقاومة شعبية داخل مناطق نفوذ هذا الحزب لطرده منها، ومنعه من الاستمرار في السيطرة على قرارهم ومكانتهم في المنطقة، بين إخوانهم العرب، مسلمين ومسيحيين.
أبناء الطائفة الشيعية اليوم مطالبون بالتحرك في وجه تنظيم حزب الله الإرهابي، وإنقاذ لبنان والمنطقة من سياسات إيران وتهديدها الدائم لأمنهم ومستقبل أبنائهم ومنطقتهم، وهم الأكثر دراية بأن إيران لا ترى فيهم إلا تابعين عرب، تميز بينهم وبين أبنائها من الفرس الذين تعدّهم أصحاب الأرض، وأن كل ما يحصل هو في النهاية لتحقيق المشروع الذي خطط له مؤسس هذه الولاية الإرهابية الخميني، وهو التمدد في المنطقة العربية على حساب شعوبها ودماء أبنائها، متذرعا بقضايا دينية، أبرزها تأجيج الخلاف المذهبي بين المسلمين.
لقد تحدث ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خلال زيارته الأخيرة إلى أميركا، عن الوجود الشيعي في المنطقة، تحديدا المملكة العربية السعودية، وعن تسلم هؤلاء مراكز قيادية في السلطة، وعن علاقات شخصية تجمعه ببعضهم، ولو قارنّا كلام ولي العهد السعودي مع أفعال قيادات ولاية الفقيه الإقصائية للعرب الشيعة داخل إيران، لوصلنا مع إخواننا الشيعة إلى النتيجة والجواب النهائي، بأنهم بالنسبة لمشروع ولاية الفقيه ليسوا سوى بيادق يتم استخدامها في الحروب والنزاعات، وخير مثال على ذلك، ما حصل في سورية واليمن والعراق والبحرين.
ففي سورية، تم إرسال آلاف المقاتلين، وقيل لهم إنهم ذاهبون للدفاع عن مقام السيدة زينب -رضي الله عنها- وبعد أيام وجدوا أنفسهم في درعا يحاصرون أبناءها، ويطلقون النار عليهم ويقتلونهم بأوامر من جنرال إيراني، لا يعرف أن ما يربط أبناء هذه المنطقة العربية أكبر من حلم إيران الفارسية بإمبراطورية بائدة انتهت ولن تعود.
لقد عملت إيران جاهدة على زرع الحقد والكراهية بين أبناء الطائفة الشيعية ومحيطهم من السنّة، وسعت إلى تحويلهم إلى قتلى مأجورين، تستفيد منهم وتحارب بهم لتحقيق أهدافها، إلا أن صوت هؤلاء بدأ بالارتفاع في مواجهة إيران من جهة وحزب الله من جهة أخرى، وبدأ التهديد الحقيقي لحزب الله ومشروعه في الخروج إلى العلن، من الرافضين لاستمرار إشراك أبنائهم في الحروب هنا وهناك، دون أسباب مقنعة، وهم الذين انتسب أبناؤهم إلى حزب الله، بهدف قتال إسرائيل لا العرب!
إلى حسن نصرالله الإرهابي أقول اليوم بلسانهم: إن الشيعة العرب براء منك ومن تنظيمك الإرهابي، ولن يقبلوا بعد اليوم أن يكونوا جزءا من مشروعك الخبيث القاتل، وقد عاشوا في هذه المنطقة مئات السنين، ولم يتعرض أحدهم لسوء، بل كانوا دوما أحرارا في عباداتهم وممارسة أساليب حياتهم دون أي تضييق، ولقد بقيت هذه المقامات في دمشق وغيرها من المدن مصانة ومحمية في وجود الغالبية السنية، ولم تتعرض لها أو تمنع أبناء الطائفة الشيعية من زيارتها، وهذا ما يؤكد نفاقكم -وإيران من خلفكم- في التهويل من تهديدات لتدمير مرقد السيدة زينب في دمشق أو غيرها من المدن.
أما إخواننا من الشيعة، فأتوجه إليهم برسالة سلام ومحبة وشراكة، أدعوهم فيها إلى مد اليد لنا جميعا، لبناء مستقبل أفضل للمنطقة وأبنائها، ونبذ المشروع الإيراني ووقف ميليشياته الإرهابية من العراق إلى سورية واليمن والبحرين.
فأنتم أيها الأعزاء، تعرفون جيدا أنكم وأباءكم وأجدادكم لم تتعرضوا لأي ترهيب من محيطكم العربي السنّي خلال عقود، وهذا لم ولن يحصل في المستقبل، تحت أي ظرف، وبجهودكم وتعاضدكم مع إخوانكم ستتمكنون من العبور إلى المستقبل، ودفن الماضي الأليم الذي وضعتنا فيه إيران وحزب الله مرغمين، منذ أن اتخذوا قرارهم المشؤوم بتحويل العرب إلى أعداء لهم، وبدأ حزب الله إرسال مقاتلين إلى سورية، وتحول أمينه العام إلى بوق يهاجم المملكة العربية السعودية وقياداتها، وهم أكثر من قدّم الدعم لقراكم وبلداتكم التي هزمها العدو الصهيوني في حرب تموز، وهم أيضا أكثر من فتح لكم أبواب البحث عن فرص عمل، والحصول على عقود عمل على هذه الأرض المباركة، لتتمكنوا من إعانة عائلاتكم وأبنائكم، وتحسين ظروف حياتكم.
فبين إيران التي لم تمنحكم إلا العداوة، وبين السعودية التي فتحت أبوابها لكم، فمن تختارون اليوم؟.