في انتخابات الجمعية السعودية في جامعة ريدنج، وبينما كانت فتاة سعودية تُقدّم مداخلة، صرخ شاب -طالب دكتوراه- سعودي بجملة: «سكّتوا الحريم».
في الحقيقة، التفتنا نحوه -نحن السعوديات- وصمتنا كعادتنا دائما التي تربينا عليها، ومضينا نناقش ما حدث دون اتخاذ إجراء قانوني ضده، لكن في حديث مع أستاذة قانونية قالت لي، كان بإمكانك إثبات الواقعة، وكان ذلك اللفظ العنصري سيكلّفه طرده من الجامعة كلها، التي تعدّ تمكين المرأة إحدى أولوياتها، فلا يليق بها أن تسمح بتعرّض طالبات في قاعة من قاعاتها للفظ عنصري اتخذ شكل تعنيف.
في الحقيقة، هذا الطالب لا يعرف أن ما قاله هو نوع من أنواع العنف اللفظي، بل لا أشك أن كل المعنفات التي نسمع كل يوم قصصهن، يتعجب إخوتهن أو آباؤهن من اعتبار هذا الضرب عنفا، بل سيُخرِج لك آلاف الحجج ليثبت لك أن ما قاله أو فعله نوع من التأديب، ثم سيورد آلاف الأدبيات التي درسها في المناهج وسمعها في المسجد، تبارك له ما فعل وتعده غيرة وشرفا ورجولة.
إنها ثقافة راسخة منذ قرون عدة، منذ صرخت عائشة -رضي الله عنها- في الحديث الموجود في صحيح البخاري: «أجعلتمونا مثل الحمار والكلب الأسود؟».
هذه الثقافة بقيت راسخة، وتتمدد رغم عشرات الإثباتات عن أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يضرب أحدا، رغم ارتكاب زوجاته الأخطاء، مثل مشاحنات الغيرة بينهن، وتدبير المكائد النسائية، بل ورفع الصوت، لكنه بقي رجلا حقيقيا، يوقن في داخله «ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم».
لكن عوامل أخرى لم تجعله القدوة، ربما لأننا أدمنّا الحلول التي تأتي كردات فعل لحالات تتوزع هنا وهناك، ولم نتخذ خطوة حقيقية تتضمن أولوية تعريف الأطفال العنفَ بكل أنواعه، وأنه ليس مقبولا دينيا، ولا يوجد مبرر شرعي لقبوله، لعدم فعل النبي له، والفعل أقوى الأدلة، خاصة مع اختلاف العلماء في تعريف الضرب بالآية، كما لا بد من تعريف وتحديد عقوبات مرتكبه، ثم تشجيع الفتيات على المقاضاة لكل من يمارس العنف تجاههن، دون توجيه اللوم إليهن، أو تهديدهن بالحبس في وحدات الحماية الاجتماعية.