مع اقتراب الصيف يبدأ الكثير من الأشخاص في البحث والتخطيط للعطلة الصيفية، إنه أمر محير لأغلب الأشخاص، فالجميع يرغب بجرعة سعادة وإحساس بالتغيير لكسر الروتين اليومي، فيتساءل الشخص هل أذهب إلى سفوح جبال الألب الأخاذة أم إلى جزر المالديف الدافئة؟
الحقيقة أن كل ذلك من التخطيط والآمال قد يضيع بمجرد العودة إلى مطار دولته، فكم من رحلة مكلفة غلب عليها الطابع الاستهلاكي البحت، وعلى الأغلب لن يشعر الشخص بالرضا عن تلك الرحلة، وتنتابه الرتابة والملل الخاطفان، فيبدأ بالتخطيط للرحلة المقبلة وهكذا. إذن، ما الخلل؟ أهو اختيار الدولة أم أن الشخص لم يملك ما يكفيه من المال لشراء المزيد من الحاجيات؟ قد يقع الإنسان فريسة ليوفوريا الاستهلاك فهي سعادة لحظية سرعان ما تتلاشى مع مرور الوقت، بحسب العربية نت في إحصائية أجريت عام 2016 تشير إلى أن السعوديين يضخون ما يقارب 98.8 مليار ريال سنوياً على السفر مما يجعلهم في طليعة الإحصائية، كما أشارت إلى أن 66% من أغراض السفر للعطلات والتسوق، في حين 22% للأهل والأصدقاء و5% للأعمال وحضور المؤتمرات وأخيرا 7% لأغراض أخرى.
يبدو أن السياحة أخذت طابعا إكليشيا، فمن المتوقع من أي مسافر أن يأتي محملا بالخيرات مما لذ وطاب وغلا ثمنه. فما السبيل إلى تلك العطلة المثالية؟
لفتني حديث الشاب عمر الجهني على تيد توك عندما حكى أول رحلة فريدة من نوعها له في دول العالم الثالث، فهي تلك الرحلة التي تحسب في شريط الذكريات الإيجابية، حيث قام بالمكوث في إحدى قرى كينيا لمدة 8 أسابيع متجردا من مظاهر التمدن، كانت البداية صعبة بالتأكيد إلا أن مهمته الأولى التي قدم لأجلها جعلته يختبر أجمل أيام حياته بين البسطاء، كانت حصيلة أسابيعه الثمانية بناء فصل دراسي لتعليم أهل تلك القرية، ولقد كُتب على المدخل اسمه ليترك بصمة لا مثيل ولا زوال لها في نفوس أهل القرية، ثم لتشرق آماله ويكتشف ذاته وشغفه في الحياة. يمتلك اليوم عمر برفقة صديقه معتصم «شركة نمو هب» التي أطلقت مبادرة مميزة «سافر بهدف»، حيث يسافر مئات الشباب من جميع بقاع الأرض معاً لبناء الفصول الدراسية والمساجد وتعليم اللغة العربية والإنجليزية. كان ذلك مثالا حيّا وناجحا على السفر السامي الذي يدخل البهجة الحقيقية الدائمة لأعوام مديدة على الفرد والمجتمع.
برأيي تعود أسباب السعادة الناتجة عن مثل هذه الرحلات إلى إحداث الفرق في حياة الآخرين، وتجديد طاقة الذات وسمو الروح، وإثراء دائرة الشخص المعرفية والثقافية والاجتماعية، مما ينعكس على قناعات الفرد الموجهة لأسباب القناعة، أيضا مثل هذه الرحلات تزيد ثقة الفرد بنفسه عقب التحديات التي واجهها لتحقيق إنجازاته، فيخرج الإنسان وقد تغير على الصعيدين النفسي «الرضا» والجسدي «الصلابة والتحمل واللياقة». أؤمن حقا بأن الخير متأصل في شبابنا وشاباتنا فلنجعل سياحتنا سياحة تغيير لا سياحة تبذير.