تقترب الانتخابات النيابية اللبنانية أكثر فأكثر، ويزداد توتر حزب الله، على الرغم من أنه أكثر المستفيدين من قانون الانتخاب الحالي، ووصلت حالة التوتر والجنون بقيادة الحزب -على رأسها حسن نصرالله- إلى الإعلان مرتين متتاليتين عن عزمه النزول إلى الشارع في بعلبك الهرمل، لتشجيع الناس على التصويت للائحة حزبه الإرهابي.
القصة -باختصار- بدأت مع ازدياد الضغط الدولي على تنظيم حزب الله الإرهابي بعد جولات كثيرة لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وتحرك كبير للدبلوماسية السعودية في الغرب، لإقناع الدول الأوروبية بالتصعيد ضد هذه الميليشيا، وفرض عقوبات أكبر ضدها، وبدأت الإدارة الأميركية من جهتها أيضا التركيز على تعديل أو إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وركزت الإدارة الأميركية على موضوع حزب الله، وطالبت ألمانيا باعتباره تنظيما إرهابيا بجناحيه السياسي والعسكري على حد سواء، إذا أرادت حماية الاتفاق النووي، فأصبح حزب الله في لعبة الدول مجرد بيدق صغير، يتم تحريك ملفاته حسب المصالح، ولم يعد بعيدا تخلي إيران عنه مقابل حماية رأس نظامها الإرهابي الذي بدأ أيضا يشعر بالخطر يقترب أكثر فأكثر منه، ويشكل للمرة الأولى تهديدا حقيقيا لوجوده وبقائه، خصوصا مع ازدياد الأصوات المعارضة له من الداخل، ومن حلفائه المقربين سابقا.
المهم هنا، أن يعرف المراقب للشأن اللبناني، وتحديدا الانتخابات القادمة، أن حزب الله يشعر بالخطر أكثر من أي وقت مضى، ويسعى جاهدا إلى السيطرة على مؤسسات الدولة اللبنانية، كي يصبح من الصعب وضعه على قوائم الإرهاب ومقاطعته وحصاره، بسبب اختراقه كل المؤسسات، سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية، وهذا أحد أهم أسباب سعي الحزب المستميت إلى إيصال عدد أكبر من النواب إلى المجلس النيابي بعد السادس من مايو.
المطلوب اليوم من اللبنانيين، وتحديدا الشيعة، هو زيادة الوعي والمواجهة مع حزب الله، والانتقام لأرواح أبنائهم الذين سقطوا بسبب إرسالهم إلى سورية، بالتصويت ضد لوائح هذا الحزب ورفض مشاريعه، فكلما زادت سيطرته على لبنان كلما ازداد استخدامه لأبنائكم في حروبه وحروب إيران بالوكالة، كي تبقى الجمهورية الإيرانية ويبقى نظام ولاية الفقيه الإرهابي الذي لا هَمّ له إلا التمدد وكسب مزيد من الأموال والثروات، لتوزيعها على قياداته حتى وصلت ثروة الخامنئي إلى مبالغ طائلة من الدولارات، حسب تصريحات أحمدي نجاد الرئيس السابق لإيران، والمقرب من النظام.
قبل عدة أيام، قام أحد صحفيي حزب الله بتهديد الرئيس سعد الحريري، بتكرار السابع من مايو 2008، وهو اليوم الذي اجتاح فيه حزب الله بيروت، وروع أهلها وأحرق وسرق ممتلكاتهم، وقتل وجرح منهم العشرات، وأضاف في تغريدته، أنه مستعد لتسيير باصات لنقل الحريري من لبنان، وهذا تهديد أيضا بتكرار إسقاط حكومة الحريري، وتهديد حياته، وهنا نرى أنه من غير الممكن -تحت أي ظرف- أن يكون هناك تعايش حقيقي بين من يؤيد حزب الله ومن يؤيد المؤسسات في لبنان. فهناك فرق شاسع بين أبناء الضواحي الجاهلين والمسيرين والناشئين على الطائفية والغدر والمخدرات، وعلى تعاليم بعض الحسينيات المصدرة للإرهاب، وبين أبناء العلم والنظام والعروبة والسلام والمؤسسات، وهذا الفرق أصبح واضحا، فلا تدخل منطقة تقبع تحت سيطرة حزب الله إلا وتشاهد فيها أسوأ الخدمات، وتجد بنيتها التحتية مدمرة وغير صالحة، وكل هذا بسبب سرقة الحزب أموال البلديات واستخدامها لتغطية نفقات عناصره المقاتلة في سورية واليمن، فهل سيقبل من يعيش في مثل هذه الأماكن ومثل هذه الظروف، أن يعيد انتخاب من يمثلون هذا الحزب وإيصالهم إلى البرلمان، ليشرّعوا القوانين التي تخدم مشروعهم، على حساب الدولة والمواطن اللبناني؟!
لقد اتخذت المملكة العربية السعودية، ومنذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، قرارا واضحا بمنع سيطرة إيران على أي من العواصم العربية، ومواجهتها مهما كلف الأمر، وبدأت هذه المواجهة في اليمن، وهي مستمرة عسكريا، ودبلوماسيا في العراق، عبر زيادة التقارب مع الجانب العراقي لإبعاده أكثر فأكثر عن إيران ومشروعها، وليعود إلى حاضنته العربية من بوابة الرياض، وأوصلت المملكة رسالة واضحة إلى الجانب اللبناني بأنها لن تتخلى عن لبنان، ولن تسمح بوقوعه في يد حزب الله وإيران، مهما كلف الأمر، وتحركت الخارجية السعودية على المستوى الدولي لتضع العالم في صورة ما يحدث بلبنان، وكيفية عمل الحزب للسيطرة عليه، واختراق مؤسساته، واستخدام مصارفه لتبييض الأموال، وتمويل العمليات الإرهابية التي ينفذها الحزب في أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، وتبييض أموال المخدرات التي يعمل على ترويجها من أميركا الجنوبية إلى أوروبا.
وفي زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية، لم يغب موضوع إيران -حزب الله- عن لقاءات ومحادثات ولي العهد السعودي الأمير الشاب محمد بن سلمان، الذي كان صريحا وواضحا في شرح حجم الخطر الذي يهدد المنطقة ودول العالم من بقاء هذا الحزب وسلاحه في لبنان، واستمرار إيران في دعمه بالمال والسلاح، وتحريكه لتهديد أمن الدول لخدمة مشروعها التوسعي الطائفي والإرهابي.
علينا جميعا أن نتحد في المواجهة، والتركيز على أن حزب الشيطان حسن هو عدوّنا الأول، والخطر الأكبر على أمننا كلبنانيين، وعلى اقتصادنا ونظامنا وبقائنا وعلاقاتنا مع الدول العربية والغربية.
إن مركب حزب الله يتصدع أكثر فأكثر واقترب غرقه، فمن أراد الحياة فلينقذ نفسه وليخرج من هذا المركب، ومن أراد البقاء فسيواجه مصير هذا التنظيم الإرهابي، وستكون نهايته مع نهاية الحزب، ولن يجد بعد ذلك مكانا له بين البنّائين الأحرار في وطنهم لبنان.