تعدّ العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية علاقة تاريخية وإستراتيجية، منذ توقيع الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- الاتفاقية الشهيرة مع الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت 1945، والتي تم بموجبها التنقيب الواسع عن النفط وتأسيس شركة أرامكو، والتي كانت عنوان انطلاقة التنمية الاقتصادية في المملكة.

وتأتي الزيارة الأخيرة لولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة لتحمل كثيرا من الدلالات والمعاني، أبرزها الحفاظ على الأمن والاستقرار الوطني والإقليمي والدولي، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وتعزيز فرص التعاون الاقتصادي والاستثمار، لتطوير شراكة صلبة وقوية بين البلدين تعتمد على المصالح المشتركة بين الجميع.

كما أن المملكة تسعى إلى تشكيل إستراتيجية مشتركة مع الولايات المتحدة الأميركية للحرب على الإرهاب والتطرف، خلال تقديم الحقيقة المعتدلة للإسلام، وتعزيز حوار الأديان، ومكافحة الفكر المتطرف والمتشدد، والرسالة التي يحملها ولي العهد إلى العالم، تتمثل في أن الإرهاب لا يمثل مبادئ الإسلام، مع التأكيد على التسامح والحوار.

وليس هذا وحسب، بل تعمل المملكة على مراجعة المناهج التعليمية وتنقيحها، وتطوير النظام التعليمي، بحيث يتم التركيز على المعرفة والعلوم والتقنية، وإعداد الكفاءات الوطنية لمواجهة تحديات المستقبل، ويأتي التعاون في هذا المجال مع أميركا في الابتعاث والاستقطاب الأكاديمي، بهدف دعم الوعي العلمي والثقافي والفكري بين البلدين.

وتتجه المملكة بقيادة ولي العهد إلى التوسع العلمي والتطور التكنولوجي، إذ تسعى المملكة إلى تحقيق أهداف رؤيتها بتنويع مصادر الدخل والتحول إلى اقتصاد القيم المضافة، إضافة إلى تعزيز الاتجاه لزيادة المحتوى المحلي في المنتجات والخدمات ونقل التقنيات العالمية إضافة إلى عزمها الوصول إلى اقتصاد منافس وأكثر إبداعا، خلال إطلاق قدرات وإمكانات الشباب والفتيات، للإسهام في تحسين المستوى المعيشي في المملكة.

والولايات المتحدة الأميركية شريك رئيسي في دعم إصلاح الاقتصاد السعودي وتنويعه، خلال وجود فرص استثمارية جيدة للمستثمرين في الولايات المتحدة، تزيد من فرص بقاء أيمركا في مركز الريادة اقتصاديا.

أما على صعيد التعاون السياسي بين السعودية وأميركا، فقد ذكر وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحفي عقده في مقر سفارة المملكة بواشنطن «أن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، تسعيان إلى تطوير العلاقة القوية بينهما إلى مستوى أعلى، وتعملان على تعزيز فرص التعاون والاستثمار بينهما، لاستفادة البلدين والشعبين، ومواجهة التحديات التي تشهدها منطقتنا، سواء كانت في التطرف والإرهاب، أو التعامل مع أنشطة إيران في المنطقة، أو دعم العراق وإعادة إعماره، والوصول إلى السلام في سورية، وتحسين الوضع الإنساني في اليمن، وتطوير قدرات المملكة على منع إطلاق الصواريخ الباليستية على أراضيها».

وكما هو معلوم، فإن إيران ومحاولتها امتلاك أسلحة دمار شامل، واختراقها السياسات الداخلية في اليمن وسورية ولبنان والعراق، تمثل تهديدا حقيقيا لسلامة وأمن المنطقة، وهذا الوضع ينعكس سلبا على المصالح الأميركية، فالمملكة تسعى دوما إلى استقرار ونشر السلام في تلك الدول، إضافة إلى إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وهذه من التحديات التي تواجه العلاقة السعودية الأميركية، وزيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة، تتوج الجهود الحثيثة لإنقاذ المنطقة من الأخطار المحدقة بها.