ضبط المحتوى في عالم الإنترنت والتقنية عملية صعبة جدا تكاد تكون مستحيلة، وحتى وإن وجدت القوانين فإن آلية التنفيذ والقدرة على التنفيذ بشريا وماليا تبقى خيارا غير مجدٍ اقتصاديا، يقودنا ضبط المحتوى لمن يتحكم بهذا المحتوى والجماهير أنهم المشاهير!
لا شك هناك إجراءات لا بد أن تتخذ حيال مشاهير التواصل الاجتماعي أيا يكونون، فمن ازدحام مول الطائف إلى أحداث أخرى كثيرا حدثت واستنكرها المجتمع من ناحية التنظيم، شئنا أم أبينا هناك إيجابيات وسلبيات لمشاهير التواصل، وهم حاضرون على الساحة بقوة، ودائما ما أقول إن وزارة الإعلام لا بد أن تستخدم هؤلاء في إستراتيجيتها الإعلامية، فهؤلاء لهم تأثيرهم وجمهورهم، فمثلا إذا أرادت وزارة الإعلام بدء حملة توعوية فالأفضل استخدام مشاهير التواصل، لأنهم للجمهور أقرب، بل أكاد أجزم أن وزارة الإعلام لا بد أن تخصص جل وقتها للتواصل الاجتماعي!
بعضهم يقوم بحملات إنسانية وله تأثيره الإيجابي، مثل الحملة التي قام بها «نايفكو» بمسمى تنظيف المحتوى، هذا حراك إلكتروني مجتمعي جميل جدا ولا يختلف عليه أحد، تويتر بحق أصبح سلطة خامسة! على الصعيد نفسه أتمنى من الجهات المعنية تبني هذه الحملة الإنسانية التي تهدف إلى معالجة المحتوى الذي يستهدف الأطفال جنسيا، نحن في نهاية الأمر لسنا مجتمع ملائكة، ولدينا مسيئون يجب إيقافهم عند حدهم بالقانون والقانون وحده، لا بد أن أنبه هنا لأمر مهم وهو أن على الجهات المختصة أن تسارع بوضع قانون للتشهير المرئي والمكتوب والمسموع، فمفهوم التشهير ما زال عائما وورد على شكل عقوبة أصلية وتبعية، وحتى عند وروده كجريمة في قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية ورد بدون تعريف ووصف محدد في باب التعريفات للقانون، لأن بعضهم حتى وإن قام بعمل مخالف للقانون ابتز الناس بألا يشهروا به، لا بد أن نعتبر أن الحقائق التي تفضح الأفعال غير الأخلاقية هي ليست تشهيرا، ويا ليت أن تتصدى المحاكم في ظل عدم وجود قانون بمبدأ قضائي بهذا الشأن، فهل من المعقول اعتبار نشر مقطع تحرش سائق الأجرة تشهيرا رغم أن ما فعله جريمة؟
لا أحد يختلف أن المشهد الإعلامي العالمي بسبب التقنية أضحى غير تقليدي، بل إن التلفزيون في مصيره لأن يكون في المتاحف يوما ما وربما قريبا، فمن يريد مشاهدة حلقة ما وجدها على اليوتيوب، وهذا يسبب ربكة هائلة للقنوات التلفزيونية فأرباحهم تنخفض كل يوم، فمن أراد معرفة الأخبار دخل على تويتر، ومن كان يعلم قبل 30 سنة أن كل الجهات الحكومية سوف تكون متواجدة على موقع يسمى تويتر، بل إن الجهة الحكومية ترد على أسئلة المواطنين في تويتر أسرع ربما من محادثتهم هاتفيا!
على الجانب الآخر أعداء الوطن من مشاهير التواصل الاجتماعي والذين بطبيعة الحال يعيشون خارج عز الوطن يستخدمون حساباتهم في الهجوم علينا، إدراكا منهم لأهمية التواصل، فمتى تعي الوزارة أهمية مشاهير التواصل الاجتماعي؟ لا شك وزارة الإعلام وجهات حكومية أخرى تبذل في مواقع التواصل الاجتماعي جهودا خلاقة ورائعة، ولكن في ظل هذه المتغيرات العديدة من الحكمة أن تكون للوزارة وكالة بمسمى وكالة التواصل الاجتماعي، يعين فيها متخصصون في الإعلام الرقمي والقوانين المعلوماتية لتنظيم أنشطة مواقع التواصل الاجتماعي والمشاهير، لا بد للوزارة أيضا أن تعلم أن التنظيم لا يعني تقييد حريات وإبداع المشاهير بقدر ما هو تنظيم ينفع المجتمع ويضع الأمور في نصابها، على وزارة الإعلام كذلك إصدار لائحة بشأن مشاهير التواصل الاجتماعي لمن يريد الدعاية لمنتج معين، فلا بد له من استصدار رخصة وعلى تلك الرخصة ضريبة يستفيد منها المجتمع على شكل مشاريع، وكذلك لا بد من تنظيم مسألة لقاء الناس في الأماكن العامة، فلا بد من أخذ الإذن من الوزارة، فالإمارات مؤخرا أقرت قانونا لتنظيم مشاهير التواصل الاجتماعي والأموال التي يجنونها من الإعلان، لذا آمل من وزارة الإعلام ووزيرها المثابر الاهتمام بهذا الموضوع الحيوي والمهم، ويأخذون العبرة من ولي عهدنا الكريم، فهو قد قابل هؤلاء المشاهير في أكثر من مناسبة، علما منه بأهميتهم وتمثيلهم لشريحة كبيرة من الجمهور السعودي.