يعيش الإعلام العالمي تواصلاً مع الزيارة الملكية للأمير محمد بن سلمان، للولايات المتحدة الأميركية، وتحمل في طياتها رحلة عمل كبيرة مختلفة الملفات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، وعندما رسم سمو الأمير هذه الزيارة بمخططها الطويل على مدى أسابيع وضع في جدولتها أن تكون زيارة تاريخية مرجعية على مدى ولاية الرئيس ترمب وإدارته في المرحلة الحالية وفترته المتبقية حتى تتكامل رؤية المملكة مع رؤية الولايات المتحدة في العديد من قضايا الثنائية والعالمية، وفي مقدمتها الملف النووي وتدخل إيران في شؤون المنطقة ودعم الإرهاب وتمويله، إضافة إلى وضع سورية واليمن، وإذا أردْنا تتبع الأيام التي أمضاها سمو ولي العهد في واشنطن وبرنامج العمل بدءاً بلقاء الرئيس الأميركي والحديث الذي أوضح فيه مَتَانَة العَلاقات الثُّنائية واستعراض الشراكة الإستراتيجية السعودية الأميركية، والتوافق فيما بين الجانبين على مختلف القضايا وإبرام عدد من الصفقات التجارية التي ستُوقع بين البلدين، والتأكيد على أهمية هذه العلاقة المبنية أساساً على مرجعية اللقاء الشهير بين الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ ورزفلت في البُحيْرات على ظهر السفينة التي جمعت بين الزعيمين وما زالت هذه العلاقة تزداد متانةً وقوة على مدى عقود من الزمن، يأتي اليوم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ليواصل تلك الشراكة ويدعمها، ويؤكد على أهمية الصداقة واستثمارها لصالح البلدين الصديقين، ثم لقاء سمو ولي العهد مع أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي الذي يعتبر أحد مراجع السياسة الخارجية للولايات المتحدة والمخططين إستراتيجياً للشراكة التي تربط أميركا مع الدول الأخرى، وكان حسب ما وصفته الدوائر السياسية لقاءً جاداً تناول مسائل عديدة، في مقدمتها الشراكة التاريخية والإستراتيجية وسبل تعزيزها ورؤية المملكة 2030، واستعراضها أمام مختلف اللجان التابعة لمجلسي الشيوخ والنواب، وعندما نمضي في متابعة الزيارة الملكية نلحظ بعداً آخر فيها، وهو تخصيص سمو ولي العهد أياماً سيمضيها في 7 مدن أميركية تحوي مختلف الشركات العملاقة في عالم اليوم، ليقوم الجانبان بوضع تصور لكيفية العلاقة والشراكة بين هذه الشركات، ونقل تصورها للمملكة، والمساهمة في بناء منظومة مماثلهٍ في كلا البلدين الصديقين على مدى زمن رؤية 2030 لتَتَحقق أهداف سمو ولي العهد في توطين الصناعة، ونقلها إلى المملكة، وتحقيق الفرص الوظيفية لشباب الوطن، وتوقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، بما يعود نفْعُه على الشَّعبين السعودي والأميركي.

إن الكلمات التي قالها سمو ولي العهد في لقائه بالرئيس الأميركي تكشف عن نبوغ في ذهنية ورسالة ولي العهد إلى الرئيس وشعب الولايات المتحدة، وأهمية هذا اللقاء الذي أشرت إليه بأنه يحمل نسخة من اللقاء الأول بين الزعيمين الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت، وتحقيق تطلعات الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ وفقه الله ـ الذي أرسل حكيماً يعرف كيف يرسم هدف بلده، وكيف ينقل السعودية إلى عالم جديد في مختلف تخصصاتها ونوعياتها وفنونها، وهذا واضح من الشراكات التي أسفرتْ عنها اللقاءات وتنوع المباحثات والانطباع الذي خرج من الأسبوع الأول للزيارة وما تتمخض عنه بقية أيام الزيارة التي حمل الإعلام الأميركي بشائرها إلى الشعب الأميركي، مؤكداً أن السعودية شريك مهم بالنسبة للولايات المتحدة، وأن أميركا حليف جاد في المشاركة مع المملكة في حل قضايا الشرق الأوسط في مصداقية الإدارة الأميركية التي لاحظ السياسيون أخيراً تَغيّراً ملحوظاً في مغادرة بعض القيادات، وإعادة رسم السياسة من جديد بالنسبة لرجالات البيت الأبيض الجدد، والأيام المقبلة ستحمل كثيراً من الفأل لمستقبل قضايا الشرق الأوسط وسرعة حلها في تعاون مُثمر بين القيادتين السعودية والأميركية، وفق الله سمو ولي العهد، وأنجَحَ مساعيه لتحقيق الرفاه لوطنه ومواطنيه.