«لا تستطيع التحدث إلى نمر بالمنطق ورأسك بين أنيابه» ونستون تشرشل، عندما اقترحوا عليه التفاوض والمهادنة مع هتلر.

بدأ يظهر على السطح في أوروبا فريقان من السياسيين حاليا، يمكن تسمية أحدهما بالتشامبرليين، والآخر: بمحبي هتلر الخفيين أو النوستلجيين «من كلمة نوستلجيا»، الذين يشعرون بالحنين الخفي إلى هتلر، وكلاهما أسوأ من الآخر.

عندما وصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، المرشد الإيراني السيد خامنئي بأنه هتلر الشرق الأوسط، فهو وصف دقيق وليس مجازيا فقط.

فحب التوسع والأيديولوجيا وجنون العظمة متأصل في الشخصيتين. العنصرية عامل أساسي في بناء شخصيتهما: أحدهما، يريد أن يسود الدم الآري، والآخر الدم الفارسي، يعشقان الدماء ولا يهتمان بالضحايا البشرية، حتى لو وصلت إلى مئات الآلاف، فما هي إلا سلالم درج للوصول إلى أهدافهما.

انظروا إلى قتل الأطفال في سورية، ومئات الآلاف من الضحايا، يعدّها خامنئي انتصارات على أشلاء الأطفال، بل يفتخر بها ولا يراها معيبة.

إن انقسام كثير من السياسيين الأوروبيين إلى فريقين، هما: فريق التشمبرليين، على اسم نيفيل تشمبرلين رئيس وزراء بريطانيا الضعيف، الذي كان يهادن ويتفاوض مع هتلر حتى أكل هتلر أوروبا، وأصبح هذا السياسي مثالا للجبن وعدم اتخاذ المواقف الصحيحة في الأزمات، وهذا الفريق من الأوروبيين يؤمن بالمفاوضات لمجرد المفاوضات، وليست له جرأة في أن يتخذ مواقف حاسمة، حتى في أسوأ الظروف، أو حتى لو عرف أن المفاوضات لا تستقيم ولا تنفع مع هؤلاء. هم مستعدون لمفاوضة الشيطان مع علمهم التام أن الشيطان لن يهتدي، ويخافون من اتخاذ القرارات القوية، كالدفاع حتى لو كانت ستنقذ حياة آلاف البشر، فمعادلتهم غريبة!، فالمفاوضات العقيمة أهم من حياة من يفاوضون من أجلهم!.

الفريق الآخر: هم النوستلوجيون، يشعرون بحنين إلى شخصية هتلرية، حتى لو خارج أوروبا، لتدمر العالم، ويريدون التفرج على المجازر، لأن النازية تُعدّ شبه جريمة في أوروبا، لكن لا مانع من رؤية شخصية تلعب الدور نفسه في الشرق الأوسط، يحاولون التخفي بموجة السلام والمفاوضات، لكن الأهم المصالح الاقتصادية التي تعدّ «بونس» إضافيا.

الذي نراه الآن في أميركا، لوبي أوروبي خبيث لدعم المصالح الإيرانية في واشنطن، بعد أن أضعف ترمب اللوبي الإيراني. محاولات أوروبية حثيثة من بعض السياسيين في الاتحاد الأوروبي وبعض الدول، لدعم الاتفاق النووي الإيراني الذي جعل إيران أسوأ بمراحل مما كانت عليه، بل زاد مآسي الشرق الأوسط، وزاد الضحايا بعد أن كان يبشر الأوروبيون بأن الاتفاق النووي سيعدل سلوك نظام طهران.

من المثير للضحك، وفي الوقت نفسه الازدراء، بعض العقوبات التي يقترحها الأوروبيون على نظام طهران، كي تبقى أميركا في الاتفاق، هذه العقوبات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل حتى لا تدغدغ مسؤولي النظام، أي ضحك على الذقون يقوم به بعض الأوروبيين.

الآن، أرى حملة شبه منظمة في أميركا من بعض الأوروبيين لمساعدة طهران أن تستمر في إجرامها بالمنطقة.

بعض الأوروبيين اختاروا بطوعهم أن يقفوا ضد مصالح الخليجيين!، هذه الحقيقة واضحة فقد اختاروا القارب الإيراني!، وربما من باب أن إيران تعاقبهم اقتصاديا، بينما الخليجيون متسامحون حتى لو وقفوا ضد مصالحهم!.

ألم يحن الوقت أيها الخليجيون كي تقوموا بإبعاد وإيقاف الشركات الأوروبية التي لها علاقة بالحكومات التي تقف ضد مصالح الخليج؟

هناك ألف طريقة وطريقة قانونية لـ«تطفيش» هذه الشركات، وكي تصل الرسالة بأن أمن الخليج ليس لعبة لبعض عشاق إيران من الأوروبيين.

زيارة الأمير محمد بن سلمان لأميركا ستكون تاريخية، ومتوقع لها أن تغير كثيرا من خارطة المنطقة، والتشويش الإيراني ضعيف، لكن على الأوروبيين أن يفهموا الرسالة، أي محاولات للتشويش سيكون مصيرها رد سعودي حاسم، خصوصا أن السعوديين طيبون بطبعهم، ويعطون الفرص، لكن لا ينسون!، وأعيدها: لا ينسون، وإذا أرادوا الرد فسيكونون حاسمين.

اعتقاد عندي وكتبته سابقا، أن كلفة تحجيم النظام الإيراني على المنطقة أقل بمراحل من كلفة التعايش معه أو المفاوضات معه. المفاوضات يجب أن تأتي بعد التحجيم، ونأمل أن نرى في هذه الزيارة خطة إستراتيجية، وأفعالا لقصّ أذرع النظام الإيراني وتحجيمه.