ما إن تدخل موقعاً إلكترونياً يستقبل التعليقات أو منتدى يتفاعل فيه الأعضاء ويتبادلون الآراء، حتى تصدمك كتاباتٌ مليئة بالأخطاء اللغوية والإملائية.. والأمر ذاته ينطبق على الفيس بوك وتويتر وكثير من المدونات. لنجدَ أنفسنا أمام أزمة لغوية مقبلة، فالجيل الشابُّ هو من يتعامل أكثر من سابقه مع تكنولوجيا الإنترنت وتشعبات الشبكة العنكبوتية وهواتف الـ(آي فون)، وإذا كان هذا مستوى لغته، فالكارثة ستكون أكبر لدى الجيل الذي يليه.. ونخشى أن نصل إلى يوم لا تستخدم فيه اللغة العربية سوى في الجانب الديني من حياتنا، وتضيع في الجوانب الأخرى بدعوى أنها ليست لغة عصرية.

من جهة أخرى، لا تمر المواد المنشورة على مواقع الإنترنت على مدقق لغوي، فتكثر نسبة الأخطاء. على العكس من الصحف الورقية التي تخضع موادها كلها إلى تدقيق قبل النشر، فتقلّ نسبة الأخطاء إلى درجة كبيرة جدا. غير أن بعض الصحف بدأت تفكر بالتخلص من أقسام التصحيح بحجة أن المحررين والكتاب قادرون على تدقيق كتاباتهم، وطبقت إحدى الصحف الخليجية هذه الفكرة، فلجأ كتابها ممن سمعوا الانتقادات على أخطاء مقالاتهم إلى من يصحّحها لهم.

الواقع يشير إلى أن المسألة متجهة من سيئ إلى أسوأ، لكن ما يثلج الصدر هو ظهور نداءات ومبادرات من جمهور القراء غير المتخصصين باللغة ليحملوا الهمّ معنا. ومنها تلك الحوارات اللغوية الممتعة بين القراء وجماعة النحو التي تابعتها خلال الأيام الماضية على موقع الرقة الرسمي الذي يشرف عليه الزميل الصحفي يوسف دعيس. وفيها اقترح المهندس المدني محمد المفتاح إنشاء ركن في الموقع للغة وتصويباتها. ثم كتب مقالا جميلا يستحق النشر في الصحف الرصينة عنوانه "المراقب الصحفي" دعا فيه إلى الحوار للتوصل إلى أفضل طريقة لتمكين اللغة العربية بمشاركة المحترفين والهواة.

ما يدعو للارتياح أن المفتاح لم تبعده الشهادة العلمية التي نالها منذ ثلاثة عقود عن الاهتمام باللغة الأم، وإلى ذلك فهو يمثل شريحة "عروبية" تحرص على عدم الخطأ، وتستلذ إن جاءها تصويب أو معلومة جديدة. ونأمل أن تتسع الحالة لتشمل أكبر عدد من الناس.

نداء المهندس محمد المفتاح لا يخصه وحده، بل هو نداء من عاشقي اللغة والحريصين عليها، إلى كل من يستطيع خدمتها ليبادر ويفعل ما بوسعه من أجل سلامتها.