فيما تختلف أشكال الإساءات التي يتعرض لها الأشخاص بمختلف فئاتهم كالعنف تجاه المرأة والطفل وكبار السن وذوي الإعاقة الجسدية والعقلية، يحتار ويتساءل العديد ممن يتعرضون أو يشهدون مثل هذه الأفعال عن الطرق والإجراءات المثلى للحد من هذه المعاناة.

 في هذا الصدد يجدر بنا معرفة أن العنف له أشكال، منها الإساءات الجسدية كالضرب والتعذيب والحبس والاعتداء الجنسي، وإساءات نفسية كالتعنيف اللفظي والسب والشتم وجعل المعنف يشعر بعدم قيمته بالتهديد والوعيد كما يتصدر الإهمال تلك القائمة، فإهمال الشخص لمن تحت وصايته أو رعايته كالأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة الجسدية والعقلية يكون بعدم تلبية الاحتياجات الضرورية لحياة الفرد المادية والنفسية مما يؤثر سلباً على جودة حياته.

 شهدنا الأسبوع الماضي انتشار صور وفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لطفل يعاني من متلازمة داون، ولقد ملأ وجهه الدم إثر اعتداء شخص عليه بالضرب المبرح دون اقتراف الطفل أي ذنب بحق هذا المجرم، كما وردني فيديو من أحد المتابعين لشخص بالغ رث الثياب يدفع عربة في الشتاء في الساعة الثالثة فجراً. حيث ذكر لي المتابع أن والدة هذا الرجل كانت تعتني به، وبعد وفاتها أصبح يهيم في الشوارع ليلاً ونهاراً دون أدنى رقابة من أهله.

 قد يذكر البعض أن هذه الظاهرة منتشرة بكثرة، وأن هذا الشخص ليس الأول والأخير، فهناك مجانين كثر في الحارة، وهذا التعبير بحد ذاته خاطئ ومهين، فقد يكون هذا الشخص معرضا للخطر من دهس وسرقة واعتداء أكثر من تشكيله خطرا على الناس. فيجب على الجميع أن يحموا تلك الفئات، وأن يحدوا منها عن طريق مكالمة هاتفية قد تغير حياة الكثيرين.

 في هذا الشأن قمت بالتواصل مع حقوق الإنسان لمعرفة معلومات أكثر عن سبل الحد من هذه الظاهرة، ومساعدة الأفراد المستضعفين. بداية وجدت تفاعلاً ممتازاً ومعلومات وفيرة، من أهمها أن الإهمال والاعتداء قد يكونان بسبب الحالة الاجتماعية أو المادية لتلك العائلة، فيكمن عمل الجمعيات وهيئة حقوق الإنسان في البحث عن المسببات الأساسية، فإن كان المعنف ينتمي لأسرة فقيرة تقوم الهيئة بالتواصل مع الجمعيات الخيرية لتقديم ما يلزمهم، وفي حال كان الخطر سيلحق بالشخص أو العكس كأن يؤذي غيره، فتقوم الهيئة بالتواصل مع الأمن في تلك المنطقة، ومن هنا تواصلت مع المركز الوطني للعمليات الأمنية 911 لأجد منهم ذات التفاعل الإيجابي، فذكروا أنه في حال تعرض الشخص لمثل هذه الأمور أو شاهدها يجب عليه ألا يتردد ويتواصل معهم وهم بدورهم سيقومون بإرسال دورية للتحقق من حالة الشخص، وبناء على ذلك تتخذ الخطوات المقبلة فيما يخدم جميع الأطراف، فالأمن هو المطلب الأول في هذا النسق، كما باستطاعة الأفراد الاتصال على رقم المركز أو 999، فجميع الأجهزة الأمنية على أوج الاستعداد للمساعدة. بالإضافة إلى الخط الساخن للشؤون الاجتماعية 1919، حيث قامت الموظفة بذكر المعلومات السابقة، وأنهم يقدمون خدمة استقبال الشكاوى وتقديم الاستشارات النفسية والأسرية وما إلى ذلك على مدار 24 ساعة.

فيما أكدت لي مؤسسة ورئيسة مبادرة لا للاعتداء الأستاذة خلود خالد أن الجهل هو أكبر سبب يجعل من الشخص ضحية وفريسة سهلة لمن يحيطون به، فالتوعية والرقابة حقان وواجبان لكل فرد، كما أن رفع الظلم عن المتلقي من أهم الأمور، ويكون بداية عن طريق تقديم النصيحة، ومن ثم الإبلاغ عن الحالة. مما سبق يتجلى لنا تفاعل وتعاون الجهات السابقة، وتكميلها لبعضها بعضا، وأن هذه الظواهر منبوذة سواء كان ذلك اعتداء أو إهمالا، فيجب على الفرد والمجتمع بأكمله المساهمة الفاعلة بنشر الثقافة والتوعية في مجال أنواع العنف والاعتداءات والإبلاغ، أيضاً عدم كتم هذه الأمور والأخذ بها من منطلق الستر أو عدم التدخل في شؤون الآخرين.

عبر مقالي هذا أوجه رسالة إلى كل معنف/‏ة، فأنصحهم باتخاذ خطوة إيجابية اليوم، بل في هذه اللحظة لأن الإساءة لا ولن تقف على حد معين، بل ستتطور وتتفاقم، ولسان حال المعتدي «السكوت علامة الرضا»، فأول خطوة في حل المشكلة يكمن في الاعتراف بوجودها أساساً ثم التصرف تباعاً، فماذا تنتظر؟