منذ ظهوره في منتدى دافوس إلى خطابه الافتتاحي عن «حالة الاتحاد» في وقت سابق من هذا العام، سلَّط الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضوء على خطط تطوير البنية التحتية لإدارته، وأعلن هيمنتنا على الطاقة، وأثنى على قانون الضريبة للأعمال الذي اُعتمد أخيرا. في حين أن هذه في مجملها تُعد خطوات في الاتجاه الصحيح لأمتنا، إلا أن نهج الرئيس ترمب للتجارة يُمكن أن يؤثر سلبا على سياسات الاقتصاد الأميركي في النهاية.

لدى الولايات المتحدة اتفاقيات تجارة حرة مع 20 دولة - قد تكون جزءا لا يتجزأ من اقتصاد البلاد، وتشجِّع تدفق السلع والخدمات بين الولايات المتحدة وشركائنا التجاريين، وقد تؤدي كذلك إلى تدفق الاستثمارات المضمونة بموجب قواعد هذه الاتفاقات.

ساعدت التجارة الحُرة، ليس فقط في تعزيز اقتصادنا والحفاظ على مكانة أميركا كرائد عالمي، بل خلقت أيضا سلسلة توريد واسعة ومعقدة تساعد على زيادة الإنتاجية، خاصة في القطاعات التي تخضع لمنافسة دولية مكثفة. والفائز النهائي في كل ذلك هم المستهلكون الذين يجنون فوائد انخفاض الأسعار الناتجة عن التجارة الحرة.

خلال سنته الأولى في الرئاسة، سحب دونالد ترمب الولايات المتحدة من مفاوضات الشراكة عبر المحيط الهادئ، وهدد مرارا بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، حتى مع بدء إعادة التفاوض على الاتفاقية، التي اختتمت جولتها السابعة من المفاوضات في مكسيكو سيتي.

واتفاقية نافتا، هي اتفاقية التجارة الحُرة التي تم التصديق عليها عام 1994، التي جعلت من المكسيك وكندا الولايات المتحدة أكبر شركاء تجاريين. وفي عام 2016 وحده، بلغ إجمالي تجارة السلع والخدمات الأميركية مع كندا حوالي 628 مليار دولار، وبلغ مع المكسيك 580 مليار دولار. وتشمل أهم صادراتنا إلى جيراننا المركبات والآلات والمعدات الكهربائية، بالإضافة إلى البلاستيك والوقود المعدني. من المهم أيضا التأكيد على أن كندا والمكسيك هما أكبر وثالث أكبر الأسواق للصادرات الزراعية الأميركية، على التوالي لنفس العام.

لقد أثر التدفق الحُر للسلع والخدمات إيجابا على اقتصاد الولايات المتحدة والمستهلكين الأميركيين على حد سواء. ولقد سمحت اتفاقية نافتا لقطع الغيار والمنتجات بالمرور بحرية عبر الحدود، مما أدى لتحسين سمعة العلامات التجارية الأميركية وجودتها. إن مستقبل الولايات المتحدة كمحور رئيسي للتصنيع - خاصة في قطاع السيارات - سوف يعتمد على قدرتنا على التنافس مع الأسواق الآسيوية الأرخص. وفي إطار اتفاقية نافتا، أنتجت الولايات المتحدة وكندا والمكسيك مجتمعة أكثر من 17 مليون مركبة تجارية في عام 2017 وحده.

ولكي يتمكن ترمب من تحقيق هدفه المتمثل في جعل «أميركا أولا»، يجب عليه دعم اتفاقيات التجارة الحرة القائمة منذ فترة طويلة مثل اتفاقية نافتا. وأن يُوفِّر للشركات والمستثمرين الأميركيين مُناخ أعمال مستقرا، يمكنها من الاعتماد على تجارة حُرة مع شركائنا التجاريين الأكثر وثوقا.

 


بينار سيبي ويلبر*


 *كبير الاقتصاديين في المجلس الأميركي لتكوين رأس المال- صحيفة (الواشنطن تايمز)-الأميركية