متعب الزبيلي
الدكتور غاري ميلر هو من قبل، من أكبر الدعاة إلى النصرانية، قرأ القرآن الكريم قاصدا أن يبحث عن الأخطاء التي تعزز موقفه عند دعوته للمسلمين للدين النصراني، إلا أن الحاصل لم يكن كما المبتغى، حيث استوقفته كثير من الأدلة المطمئنة لقلبه، ومنها أن أعداء دعوة نبي الإسلام محمد -عليه أتم الصلاة والسلام- كثيرون، إلا أنهم عادوا فيما بعد وأعلنوا إسلامهم، ولماذا وثق النبي، صلى الله عليه وسلم، بأن أبا لهب لن يكون يوما مسلما مصدقا بالرسالة، ونزلت سورة المسد قبل عشر سنوات من وفاة أبي لهب، وكيف لم يدخل أبو لهب الإسلام حتى ولو من باب الادعاء، من هنا أيقن الرجل بأن محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام- لا ينطق عن الهوى، وأن ما يقول هو ليس من قوله، وإنما وحي ممن يعلم الغيب ويعلم أن أبا لهب لن يسلم، شتان ما بين حين يتمعن العباقرة وبين من يجابه ويتصدى وبقوة في حال سمع من يقول إن حديث الجنة تحت أقدام الأمهات حديث ضعيف وباتفاق العلماء المسلمين، إن من يأخذ بما يسمع من العامة هو غير قادر على أن يبحث ويتأمل، إضافة لمن وكأن القضايا انتهت ولم يتبق أمامهم سوى نقد قضية استخدام مكبرات الصوت في المساجد، من يجدون القُساة والقتلة هؤلاء ممن يمثلون بالضحايا ويجزون الرؤوس دون رحمة، قتلة المصلين والآمنين، يصورن على أنهم امتداد للواقع الإسلامي، نعم هم لم يقولوا ذلك صراحة، وإنما من خلال استخدامهم أساليب باتت مكررة وتثبت بطلان مزاعمهم، ومفهومهم الخاطئ بأن الإسلام غير متوافق مع واقع الحداثة اليوم، هكذا هم يزعمون حسبما تملي عليهم أهواؤهم، ولكن فشل الدُّهاة العباقرة في أن يجدوا الأخطاء في ثوابت الدين الإسلامي، واطمأنت القلوب الحية الباحثة عن الحقيقة لما وجدت من أدلة هي تهدي للحق والتمسك بالدين كما هو، من خلال السماحة والصفح والرحمة والعفو والدعوة بالحسنى، وأبدا لسنا ضد الحريات الشخصية والمبنية على أهداف وغايات بعيدة تماما عن مساعي التشويه والتشكيك، وجعل قضايا لتشكل أدنى أهمية ويجعلونها الأهم، إنهم يوضحون حقيقتهم بعدم مقدرتهم على شق طريقهم من خلال تثقيف المجتمع ومن غير تسلقهم لمشاعرهم الدفينة، وتبقى هي مشاعرهم تخصهم وحدهم، ويبقى الدين الإسلامي حقيقة يجهلها ضحايا الانبهار بالأفكار الغربية، وليته انبهار مبني على العلم، وإنما حتى وإن قال أصحاب فكرة الانفجار العظيم بأنهم عجزوا عن التوصل لاكتشاف الجزيئات الأولية لمكونات الانفجار العظيم، يتجاوزون مثل ذلك ويركزون على كل ما يجدونه أداة تؤدي لزرع الشكوك، وإن قالوا أيضا إن طرحهم ليس حقيقة مطلقة، إلا أن الانبهاريين يصورون كل معلومة مصدرها الغرب على أنها حقيقة غير قابلة للجدال، وأعني هنا من يسكنهم الشك، وهو المسيطر على فكرهم وطرحهم، ولا أعني القامات الثقافية، والذين حتى وإن كانت لديهم قناعات تخالف التوجه الاجتماعي العام، إلا أنهم يبقون يحترمون قناعات الآخرين ولا يعملون بمبدأ خالف تعرف، وشتان ما بين هدف الشهرة وبين صُنَّاع الثقافة ممن يبقى طرحهم قيمة تتناقلها الأجيال.