قمرية النافعي
يعاني كثير من الموظفين من سوء التعامل داخل مؤسسة العمل، وكثيرا ما يكون هذا التعامل السيئ بشكل مباشر، كأن يتعرض الموظف للأذى النفسي، أو أن يُهدد بمختلف أنواع التهديدات.. كالحسم من الراتب الشهري وبلا سبب فعلي يستدعي ذلك، أو كأن يحصل التقليل من شأن الموظف أو التحقير والاستخفاف به، ويسمى هذا النوع من التعامل بالتنمر الوظيفي، وهو ميل المديرين أو رؤساء العمل إلى السيطرة والهيمنة على مرؤوسيهم ومضايقتهم لدرجة أن عدداً لا يستهان به من الموظفين قد يُجبَرون نفسياً على ترك العمل بتقديم الاستقالة أو التحويل إلى أقسام أخرى قد لا تناسب مؤهلاتهم وتعرضهم للتجميد الوظيفي وفقد فرص التطور والترقية بغرض الابتعاد عن هذه الأجواء المشحونة، ويكثر التنمر الوظيفي في ظل غياب الرقابة الإدارية من الجهات العليا في المؤسسات، وبسبب طباع المدير التعسفية، والذي يتوقع من الموظفين تحملها على الدوام في سبيل البقاء في العمل في ظل غياب القانون الملزم بحفظ حقوق الموظفين وعدم الاعتداء عليهم، وفي ظل جهل الموظفين بحقوقهم، ينمو التنمر الوظيفي ومع مدير يفرض سيطرته ولا يتحكم بقراراته، ويلقي باللوم على الآخرين ستضطرب المؤسسة، وستكثر الخلافات بشكل حاد حين يصطدم موظف على علم تام بما له من حقوق مع هذا المدير المتنمر، بينما ستنتهج المؤسسة فعلياً منهج الترهيب وبشكل دائم مع وجود موظفين ضعفاء يمارس عليهم المدير تنمره وبلا رقيب.
وغالبا ما يرتبط التنمر بضعف شخصية الموظفين وجهلهم بحقوقهم، فمتى ما كان هناك مدير متسلط وموظفون ضعفاء جهلة. استمر التنمر.
ومع صعوبة التنبؤ بأفعال جميع العاملين بدءًا من الإدارات العليا وانتهاء بصغار الموظفين، وفي ظل وجود اختلاف في منظور العمل، نواجه في بيئة العمل عددا من الموظفين يقبلون بالتنمر الوظيفي على ترك عملهم.
ولا يقتصر التنمر على المدير والموظف، بل إن هناك تنمرا وظيفيا ينشأ بين زملاء العمل -وخاصة بين الموظفات- كإطلاق الإشاعات المغرضة بحق الموظفة، والتي قد تطال أخلاقها عندما تقوم زميلاتها في العمل بإيذائها بكافة الأشكال كعمل شكاوى كيدية بحقها أو باسمها، أو نشر الأكاذيب، والتلاعب بالألفاظ، ونَسبْ القيل والقال لها كذباً، وكل ذلك بهدف تشويه صورتها عند المدير، أو لمنعها من ترقية أو مركز وظيفي، وغالباً بدلا من أن يقوم المدير بتوجيه المتنمرين أو حتى معاقبتهم ووضع حد لمثل هذه السلوكيات بتوعيتهم بأضرار التنمر النفسية، وتجنب الانفعالات الخاطئة والغاضبة والمؤدية إليه، تجده يتأثر ويفضل عدم مساعدة الموظفة الضحية، والسعي باتهامها معهم تجنباً للخوض في نقاشات طويلة مع هذه الموظفة وهؤلاء المتنمرين، لتضطرها تحت ضغط التنمر والظلم الواقع عليها إلى ترك العمل أو أخذ إجازة طويلة لتشفى من سقم التنمر.