بالأدلة الدامغة، حزب الله هو المتهم الأول والرئيس باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكل الشهداء الذين سقطوا بعده على مذبح الحرية والسيادة والاستقلال، منذ عام 2005 وحتى اليوم.
حزب الله الذي ادّعى يوما أنه تأسس ليقاوم إسرائيل، كشفت الأحداث أن سبب تأسيسه كان لمقاومة الشعب اللبناني، واحتلال الدولة اللبنانية، وقتل كل من يرفض مشروعه الذي رسمته له إيران، ليمكنها من السيطرة على قرار عاصمة عربية تضيفها إلى مجموعة العواصم التي تسعى إلى إخضاعها لسيطرتها وقرارها.
في أواخر 2004، صدر القرار بتصفية الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكان القرار قد اتخذ بحضور وموافقة حسن نصرالله، أعلى هرم حزب الله، ومنذ تلك اللحظة تغير وجه لبنان والشرق الأوسط، ومستقبل المنطقة والعالم.
أراد حسن نصرالله، ومن ورائه إيران، بقتل رفيق الحريري إضعاف الطائفة السنّية في لبنان والمنطقة، بعد أن كان لهم قائدا ذا شخصية محبوبة ومرغوبة عالميا، إذ كان الحريري أينما حل، استُقبِل كالملوك والسلاطين، واستطاع تكوين صداقات كثيرة مع قادة العالم من فرنسا إلى بريطانيا وأميركا وروسيا، فأصبحت شبكة علاقاته وقوته المالية والسياسية تشكّل تهديدا جديّا للمشروع الإيراني ولحزب الله في المنطقة، فقد عمل رفيق الحريري جاهدا على حصر السلاح في يد الدولة والجيش في لبنان، وفرض احترام الدول للمؤسسات اللبنانية، والاستثمار في هذا البلد الذي حوّله الحريري من دولة خارجة من الحرب مدمرة، إلى دولة إعمار واستثمار وتطور، وهذا ما كان يشكّل تهديدا حقيقيا لبقاء حزب الله، فقد شعرت قيادة الحزب أن الشباب الشيعي تخلّى عن مشروعه، وبدأ بالاتجاه صوب العمل والاستثمار وتطوير الذات والتعلم، وهذا ما جعله أكثر اقتناعا بأن مشروع رفيق الحريري بالتعليم وتأمين فرص العمل هو المشروع الأكثر واقعية، وهو ما يبحث عنه الشاب اللبناني، وتحديدا الشيعي الذي تم غسل دماغه لسنوات، من أجل المشاريع الإرهابية الطائفية في إيران منذ 1979، فشعر حزب الله في تلك الفترة أن رفيق الحريري -ودون إطلاق رصاصة واحدة- استطاع أن يشكل تهديدا لسلاحه ومشروعه، فطلبت منه إيران بشكل واضح أن يضع خطة للمواجهة، وإنهاء دور رفيق الحريري ومشروعه بشكل نهائي، وهذا ما حصل بالفعل عندما كان القرار المتخذ هو اغتيال الحريري وزعزعة أمن لبنان، وشد العصب الطائفي فيه ليعيد شباب الطائفة الشيعية إلى المربع الأول، ويتم استخدامهم كمرتزقة في خدمة المشروع الإيراني في المنطقة.
إن لبنان على أعتاب انتخابات نيابية قادمة، وإن أي تحالف فيها مع حزب الله -علني أو سري- يعد خيانة لدماء رفيق الحريري، وتنازلٌ عن حق رفيق الحريري في العدالة والاقتصاص من المجرمين، بل إن الموافقة على مشاركة هذا الحزب في أي عمل سياسي لبناني -قبل محاسبة من خطّط وأمر ونفّذ عملية الاغتيال- هو مشاركة في القتل، وتخاذلٌ عن إحقاق الحق، فلا يمكن أن نقبل بعد اليوم في لبنان أن نتحول إلى نسخة عن وليد جنبلاط، الذي قبل بالتحالف مع قاتل أبيه، ولا أن نكون كغيره من السياسيين الذين تجاهلوا الجريمة وجلسوا مع المجرم تحت شعارات فارغة، منها ما صدّعوا رؤوسنا بها «السلم الأهلي»، وكأن هذا السلم الأهلي لا يتحقق إلا على حساب دمائنا، وتنازلنا عن حقوقنا في هذا البلد.
لقد أصبح من الضروري اليوم والأساسي، العمل على وضع خطة لمواجهة حزب الله الإرهابي قبل الانتخابات وبعدها، فلا يمكن القبول بالوضع الراهن وبسياسات الحزب التدميرية التخريبية، والتي لم ينته إجرامها عند اغتيال رفيق الحريري، بل استمر إلى ما بعد ذلك بعمليات القتل لسياسيين وأمنيين وعسكريين وحتى مدنيين، إضافة إلى المشاركة في الحروب والصراعات على مستوى المنطقة من سورية إلى اليمن، ونشر المخدرات وتبييض الأموال، مما عدّته دول أعمالا إجرامية تمس سيادة الدول وأنظمتها، فكيف الحال بقبوله في لبنان، وتأمين وصول أمثال هؤلاء إلى البرلمان اللبناني، ليتحول المجرم والقاتل وتاجر المخدرات إلى مشرّع قوانين وحقوقي؟
إن دماء رفيق الحريري أغلى من أي تسويات، وأغلى من أي أنظمة وبلاد ومؤسسات، فلولا تضحيات هذا الرجل وعمله المتفاني في خدمة لبنان، لما استطاع أحد أن يعيد إعمار ما دمرته الحرب وأمراؤها، ولقد عمل الشهيد على إخراجه من محنته الاقتصادية والسياسية، فلا تقبلوا بأي تنازل عن دماء الشاهد والشهيد رفيق بهاء الدين الحريري، ذلك الرجل القادم من عالم الأحلام كملاك بأجنحة سلام وأمل ومستقبل لشعب ووطن ارتقى به ومعه، وسقط في مستنقع الجريمة بعده.
كلنا رفيق الحريري ومشروعه، وكل من يقبل بوجود حزب الله هو من المشاركين في قتله والسكوت عن جريمة العصر، فلا تتخيلوا أنه سيأتي اليوم الذي يقبل فيه الشعب اللبناني ببقاء هذا الحزب ومشروعه التحريضي الطائفي الذي -وإن قبل اليوم بسعد الحريري رئيسا للحكومة- إلا أنه سيكون الأداة التي تهدد حياته ومستقبله السياسي عندما تنتهي مصلحة الحزب من بقائه على رأس الحكومة اللبنانية، فاحذروا أهل الشقاق والنفاق.